عين. فقلت له: قل إنشاء الله تعالى، فقال هي كلمة مقولة لا تدفع مقضياً ولا تستجلب آتياً
ثم ركب فكان آخر العهد به.) اهـ
نقف هنا لنتأمل في هذه الرواية المطولة قبل أن نقيسها إلى رواية أخرى:
يقول الخالديان إنهما كتبا إلى نصر محمد الجبلي ثم يقولان:(وأبو نصر هذا من وجوه الناس في تلك الناحية) ليس في الرواية تصريح باسم ناحية ولكن ذكرت ضمناً في نسبة أبي نصر (الجبلي). والذي أراه أنها نسبة إلى جَبُّل وهي بلدة بين النعمانية وواسط على دجلة تبعد عن النعمانية خمسة فراسخ إلى الشرق الجنوب، وعن دير العاقول ثلاثة عشر فرسخاً. فهذا الراوي من بلدة تبعد عن مقتل أبي الطيب نحو أحد عشر فرسخاً وهو صديق للشاعر وقاتله. وخلاصة روايته:
١ - أن فاتكان الأسدي خال ضبة العيني الذي هجاه أبو الطيب كان يكثر السؤال عن الشاعر ليقتله انتقاماً لأخته التي هجاها. وقد صرح بهذا لأبي نصر
٢ - وأن أبا الطيب نزل على أبي نصر بجبَّل فأخبره ونصحه بالحذر فلم يقبل. واحتقر فاتكا وقومه احتقاراً شديداً وغلا في كلامه غلواً لا يليق برجل عاقل
وفي خزانة الأدب نقلاً عن الإيضاح رواية أخرى نصها:
(وأخبرنا أبو الحسن السوسي في دار الوقف بين السورين، قال: كنت أتولى الأهواز من قبل المهلبي. وورد عليه المتنبي ونزل عن فرسه ومقوده بيده وفتح عيابه وصناديقه لبلل مسها في الطريق وصارت الأرض كأنها مطارف منشورة. فحضرته أنا وقلت قد أقمت للشيخ نزلاً. فقال المتنبي إن كان ثم فهاته. ثم جاء فاتك الأسدي يجمع وقال قدم الشيخ هذه الديار وشرفها بشعره والطريق بينه وبين دير قُنّة موحش قد احتوشته الصعاليك وبنو أسد يسيرون في خدمته إلى أن يقطع هذه المسافة، ويبر كل واحد منهم بثوب بياض. فقال المتنبي ما أبقى الله بيدي هذا الأدهم وذباب الجراز الذي أنا متقلده فإني لا أفكر في مخلوق. فقام فاتك ونفض ثوبه من رتوت الأعاريب الذين يشربون دماء الحجيج حسوا سبعين رجلاً ورصدوا له. فلما توسط المتنبي الطريق خرجوا عليه، الخ)
هذه الرواية تؤيد الأولى في أن أبا الطيب أبى أن يسير في خفارة أحد، وتخالفها في أن فاتكا هو الذي عرض على الشاعر أن يخفره. ومعنى هذا أنه ما كان مبيتاً شراً له وأنه لو