فقول: أبي الحسن السوسي: (كنت أتولى الأهواز من قبل المهلبي الخ. يؤخذ منه أن مرور أبي الطيب بالأهواز كان في عهد المهلبي، والمهلبي توفي سنة ٣٥٢ كما تقدم
ولو أن فاتكا لقي أبا الطيب في الأهواز فعرض عليه خفارته فأبى فعزم على قتله أو سلبه ما صبر عليه حتى قطع المسافة من الأهواز إلى واسط وهي خمسون فرسخاً، ثم سار من واسط حتى جاوز النعمانية، كما سيأتي، وذلك أكثر من عشرين فرسخاً.
وقول فاتك إن الطريق إلى دير قنة موحش بعيد أن يقال في الأهواز وبينها وبين دير قنة مراحل كثيرة وبلدان عامرة، وإنما يقال مثل هذا في موضع قريب من دير قنة النعمانية أو جبل.
ثم عرض فاتك خفارته على أبي الطيب وفي نفسه منه ما فيها مستبعد كذلك
فرواية أبي نصر أجدر بالقبول بعد حساب المبالغة فيها كقول أبي الطيب عن بني أسد (ابخرء الطير تخوفني الخ.) فالرجل مهما تكبر وتهور كان أعقل من أن يقول مثل هذا القول: وأحسب أبا نصر حينما سئل عن مقتل أبي الطيب أراد أن يبين عن نصيبه في هذه القصة التي يتشوف الناس إلى سماعها فأدخل شيئاً من الصنعة، ومبالغة القصاص، وبالغ في نصحه أبا الطيب وفي إباء هذا قبول النصيحة وهكذا
- ٢ -
سار أبو الطيب من الأهواز إلى واسط فنزل بها، قال علي ابن حمزة البصري عن القصيدة الكافية التي ودع بها الشاعر عضد الدولة:(هذه القصيدة آخر شعر قاله أبو الطيب. وكتبتها والتي قبلها عنه بواسط يوم السبت لثلاث عشرة بقيت من شهر رمضان سنة أربع وخمسين وثلاثمائة)
بين واسط وبغداد زهاء أربعين فرسخاً، وعلى الطريق بلاد نذكر منها ما ذكر في روايات مقتل أبي الطيب: وهي النعمانية ودير قُنىّ ودير العاقول والصافية
النعمانية في نصف الطريق بين واسط وبغداد غربي دجلة وهي قائمة اليوم. وكانت تسمى بغيلة فأعيد أسمها القديم. ودير العاقول كان على شاطئ دجلة الشرقي، وكان عنده مدينة مسماة باسمه، وكان على ميل من النهر أيام ياقوت. وبينه بين بغداد ١٥ فرسخاً، وبينه