وقد مد الله في أجله فعلاً، وكتب في ملاكه ما لم يكتبه أحد في امرأة من قبل، وذهب في إثر رائده فرجيل يخوض دركات جهنم، ويوقل في شعاف المطهر، ليلقى بياتريس في ظلال الخلد، ونعيم لا يفنى
جحيم دانتي
(١) رأى دانتي كأنه يضرب على غير هدى في تيه لا أول له ولا آخر، ثم رآه يضل طريقه في غابة مظلمة تعج بالأفاعي وتضج بالوحوش، حتى إذا بلغ طوداً رفيع الذرى وحاول أن يرقاه زأرت في وجهه أسود وهمهمت حوله ذؤبان أوشكت أن تفتك به، لولا أن أبصر فرأى الشاعر الروماني الخالد فرجيل يقترب منه فينقذه من الكواسر المحدقة به، ثم يذكر له أنه قادم من لدن حبيبته بياتريس ليهديه سواء السبيل، وليخوض به دركات الجحيم ليريه من آيات ربه، ثم ينفذ به إلى جبال المطهر. . . وليتركه عند باب الفردوس، حيث تلقاه حبيبته، فتمضي به إلى جنات النعيم (لأني غير مأذون لي بدخولها)
(٢) ويتلكأ دانتي قليلاً، ولكن فرجيل ما يزال به يغريه حتى يتبعه (٣). . . وينطلقان حتى يكونا عند باب جهنم. . . وينظر دانتي فيرى كلمات نقشت من نور على لوحة علقت أعلى الباب. . . هي كلمات الإله العزيز من غير شك. . . ويؤذن لهما فيدخلان، ويسمع دانتي إلى أنين المعذبين، فيخبره فرجيل أنهم أولئك الذين قضوا حياتهم الدنيا في لهو ولعب، لا يعنيهم أن يقدموا عملاً صالحاً ينفعهم في الدار الآخرة. ثم يبلغان عدوة نهر أشيرون، ويريان جباره العتيد ذا الطول (خارون) منتصباً كالوحش في زورقه الذي ينقل فيه أرواح الأشقياء من هذه العدوة إلى العدوة الأخرى. . . وهنا. . . تدور جهنم برأس دانتي فيعروه من الغثيان والغَشْيَة ما يهوي به إلى الأرض (٤). . . ثم يدوي رعد قاصف في أركان جهنم فيهب دانتي من غيبوبته، ويتعلق بأذيال فرجيل، وينطلقان حتى يبلغا الدرك الأول من دركات الجحيم واسمه (لمبو حيث يشقى أولئك الذين استهتروا بتقاليد الكنيسة، فلم يبالوا أن (يُعَمَّدوا)!! ولو أنهم كانوا مع ذلك بررة أخياراً، (٥) ويبلغان الدرك الثاني من النار، ويرى دانتي إلى مينوس أحد قضاة الجحيم الذي يسائله كيف نفذ إلى هذه الدار وهو ما يزال حياً من أهل الدار الفانية، وينذره أنه لن يحتمل زفير سقر. . . وينظر دانتي فيرى إلى جموع الفجار الشهوانيين من أهل الفسق تعصف بهم ريح السموم، وتنثرهم هنا