عليه، ولكنه في البيت التالي:
ومن ظن الشباب صبيغ شعر ... فان الصقر قد أمسى غرابا
يسخر من صبغ الشعر، فيقول أن صبغ الشعر لا يجتلب الشباب، وإنما يشوه، كما يمسخ الصقر غرابا إذا صبغ بالسواد، والخضاب والصبغ من قبيل واحد، فودادته الخضاب في البيت الأول لا تتفق من السخرية من صبغ الشعر في البيت الثاني
وقد تعارف الناس على أن شارة الحداد السواد، ولكنه يقول:
اتخذت بياض رأسي لي حدادا ... على عمر الشباب فوا شبابا
فكيف يتخذ البياض حدادا؟
غريب في باريس
ليس يكفي هذا العنوان وعِلْمُ الناس أن الدكتور زكي مبارك قضى فترة من الزمن في باريس يطلب العلم في إحدى جامعاتها، لأن تصف هذه القصيدة غريباً في باريس، بل لابد أن تفي القصيدة نفسها بهذا الغرض، لابد أن تصف غريباً وتصور نوازعه وحنينه إلى وطنه، ولابد أن يكون هذا الوصف ملابساً لباريس مشتملاً على خصائصها. أما عن الشطر الأول فقد فعل وأحسن، وإن كان لم يُجد الإجادة التي تنبغي للدكتور زكي مبارك؛ تألم من الغربة فقال:
يا جنة الخلد كيف يشقى ... في ظلك النازح الغريب
الناس من لهوهم نشاوى ... ودمعه دافق صبيب
يقتات أشجانه وحيداً ... فلا صديق ولا قريب
أقصى أمانيه حين يمسي ... أن يهج الخفق والوجيب
وهذه الأبيات أحسن ما في القصيدة
وحن إلى وطنه فقال:
مغاني النيل كيف أقصت ... ربيب أزهارك الخطوب
وكيف ألقينه بأرض ... أصح أحلامها كذوب
وصور نوازعه إلى المجد الذي وقد اغترب من أجله فقال:
يسدد السهم ليس يدري ... أيخطئ السهم أم يصيب