المطهر ومنهم خصمه السياسي الكبير كورسو دوناتي، ويصل الثلاثة إلى شجرة أخرى تخرج من بين أوراقها أصوات رائعة تردد أمثلة في النهم، ثم يتقدم إليهم ملك فيهديهم إلى الدارة السابعة والأخيرة من المطهر حيث يطهر أولئك الذي كانوا لا يستطيعون كبح نفوسهم وضبط عواطفهم ساعة الغضب. وهم يطهرون ثمة في نار حامية (٢٦ - ٢٧) وترى الأرواح الهائمة في النار ظل دانتي على اللهب فتدهش لوجود حي من بني الدار الفانية في هذا المكان الأخروي المقدس، ثم يتقدم إليه روح صديقه جيدو جوينيشبلي الشاعر الإيطالي المعروف فيتحدث إليه برهة كما يتحدث إليه روح آخر. ثم يقودهم ملك كريم عَبْر النار إلى المعراج المؤدي إلى السماء. . جنة الأبرار. . ولكن الليل يقبل، فيجلس الثلاثة (فرجيل ودانتي وستاتيوس) عند حنية رخية النسيم، حيث ينام دانتي فيرى رؤيا جميلة. ثم يهب مع الصباح فيودعه فرجيل، ويترك له الحرية الكاملة للتجول في السماء حتى يلقي بياتريس (٢٨) ويذهب دانتي في السماء صعداً حتى يبلغ الغابة الفردوسية الوارقة، ولكن نهراً من أنهارها يحجز بينه وبين فتاة لاهية هيفاء وقفت في روضة ناضرة تقطف الزهر ذا الشذى؛ فيكلمها دانتي، ولكن الفتاة تأخذ معه في شرح جغرافية هذا المكان، وتخبره إن هذا النهر الذي يفصل بينهما هو نهر ليث، وإن يكن اسمه يونو في مكان آخر (٢٩) وتخطر الفتاة، في عكس مجرى النهر، ويمشي دانتي تلقاءها، ويتحدثان حديثاً مشجياً، ثم يسمعان موسيقى بعيدة فينظران، فإذا حفل حاشد في أديم الفردوس يلوح في الأفق. (٣٠) وتمضي لحظة، وإذا ملاك كريم يتيه في شفوف بيض يتنزل من السماء إلى مسرى دانتي، وينظر الشاعر، فيرى حبيبته بياتريس هي هذا الملاك الطاهر فيكاد يجن من الفرح. . . ولكن بياتريس تأخذ معه في عتاب حلو وعذل رفيقه (٣١) فيعترف الشاعر انه مخطئ في كل ما أخذت عليه حبيبته، ويركع بين يديها معتذراً ثم يسجد سجدة طويلة باكية، وتتقدم إليه ماتيلدا - الفتاة السابقة - فتأخذ بيده، وتخوض به لجج ليث، ثم تقدم إليه أربع عذارى فاتنات، يمثلن الفضائل الكنسية، وهؤلاء يقدنه إلى جريفون، رمز المخلص، السيد المسيح، وإلى ثلاث عذارى أخريات يمثلن الفضائل الإنجيلية، وهؤلاء يقدمنه إلى بياتريس التي تنسي دانتي جمالها الخلقي، وتشغفه بجمالها الروحي (٣٢ - ٣٣) وينطلق الجميع (دانتي وماتيلدا وستاتيوس وبياتريس) ويحذرون