فمن بين الذين يذكرهم ذو النون المصري وابن أدهم والبسطامي. وهذه الأسماء الثلاثة كثيراً ما يتردد ذكرها في المؤلفات الصوفية نظراً لما لها من قيمة ولما لعبت من أدوار في تاريخ التصوف الإسلامي. ويذكر الهجويرى بعد هؤلاء عشرة من المتصوفة المعاصرين له أشهرهم القشيري. ثم فريقاً كان لا يزال حياً وقتئذ في الأنحاء المختلفة لبلاد الفرس. ويأتي بعد هذا كله فصل طويل عن إحدى عشرة طائفة صوفية وقد جعل لكل طائفة مقالاً خاصاً تناول فيه ناحية معينة من مذهبها. ويرى السواد الأعظم أن الخلاف الذي شب بين هذه الطوائف لم يكن ذا أهمية وأنه ليس الا وسيلة يستعان بها على تفسير المذاهب المختلفة، فالطائفة الأولى مثلاً تذكر الرضى من بين الأحوال بدلاً من أن تجعله بين المقامات. ويعقب الهجويرى على هذا بمقال عن الرضى. والطائفة الأخيرة تظهرنا على رأي المتصوفة في مسألة فلسفية نفسية ذات خطر. ذلك أنها كانت تؤمن بالتناسخ. ومن هنا ترى مؤلف (كشف المحجوب) يذيل كلامه عن هذه الطائفة بمقال عن الروح. وفوق هذا كله فان المؤلف قد بسط مذهب المتصوفة في صورة أخرى موضوعة في أحد عشر فصلاً مثلها في هذا العدد كمثل الفصول التي سبقتها. وانه ليجعل عنوان كل فصل من هذه الفصول هكذا:(كشف المحجوب الأول والثاني والثالث. . . إلى الحادي عشر) والمحجوبات هنا تقابل المسائل الجوهرية للدين الإسلامي (وحدانية الله - الإيمان - الوضوء - الصلاة. . . الخ) فكل مسألة من تلك لها تفسير صوفي. أو هي بعبارة أخرى تقابل فصلا من فصول التصوف. وأنك لتلاحظ في هذا القسم حرية التفسير والتأويل التي اصطنعها المتصوفة في فهمهم للدين. فأنت ترى مثلافي صفحة (٣٠١) من الترجمة الإنجليزية التي وضعها الأستاذ نيكلسون وطبعتها ونشرتها لجنة أحياء ذكرى جب: (الصلاة عبارة عن تعبير يجد فيه المريدون الطريق الموصل لله من البداية إلى النهاية. وفيهتنكشف لهم المقامات. والطهارة للمريدين هي التوبة. وأنت حين تولي وجهك نحو القبلة معناه انك تخضع نفسك للمدبر الروحي. وأنت حين تصلي واقفامعناه انك تذل نفسك. وتقابل تلاوة القرآن التأمل الباطني. وإطراق الرأس هو التواضع. والركوع والسجود هما معرفة الإنسان لنفسه والتسليم هو الانفصال عن الدنيا. ويحل محل الاعتراف بالإيمان الأنس بالله) وآية ذلك هي أن كل حركة عملية يمكن تأويلها تأويلا صوفيا وأن كل رياضة