الشتات والتأليف بين الأجزاء
وفي القصيدة كثير من المعاني المطروقة التي اعتورها جمهور الشعراء قديماً وحديثاً، حتى أصبحت (منافع عامة) كقوله:
نادى إلى الحسنى فلما أعرضوا ... واستكبروا شرع الرماح فأسمعا
والحق أعزل لا يروع فإن بدا ... مستلئما لاقى الطغاة فروعا
وقوله:
بعض الأنام إذا رأى نور الهدى ... عرف الطريق، ولم يضل المهيعا
ومن البرية معشر لا ينتهي ... عن غيه حتى يخاف ويفزعا
التجديد والتقليد
الأستاذ محمد الهراوي على رأس المحافظين من الشعراء، فهو يسخر من دعوة التجديد، ويعلن هذه السخرية في هذه القصيدة. على أنه يجب أن ينصف نفسه، فما أظنه يكره التجديد في ذاته، وإن كان يحمل على أدعياء الجديد الذين يسترون سخفهم بدعوى التجديد. . ولما كان هؤلاء قد ملأوا الجو بصيحاتهم الجوفاء، فقد أصبح التجديد في نظر الشعراء كلمة مقرونة بذلك السخف، وأصبح السخف من مدلولات التجديد! والحق أن التجديد مظلوم بين هؤلاء وهؤلاء. ويشير الأستاذ الهراوي إلى ريبته في الجديد بقوله:
يا قادة الرأي الجديد تحية ... لو صح زعمكمو، وألف سلام
فهو يرتاب في زعمهم أنهم مجددون، وأنهم قادة الرأي الجديد. وهو في القصيدة كلها يفند دعاواهم في التجديد، ويردها إلى تقليد الغربيين: فالقصص ليست جديدة، فأسواق الغرب مزدحمة بها، على أن مهد القصة هو الشرق، وهذه قصص ألف ليلة وليلة والشهنامة قد نشأت فيه، وهذا القرآن زاخر بالقصص السامية
وملاحم اليونان أهي جديدة ... وحديثها من قبل ألفي عام
أتعيد ثرثرة الحديث مجدداً ... ونرده لخرافة الأصنام
ثم جعل الأستاذ الهراوي يتهكم على تعبيرات (المجددين) بقوله:
فتقول: (في اثنين يوم) مثلهم ... لا (في مدى يومين في الأيام)
وتقول: (مثل الثلج غرة وجهه) ... لا (مثل وجه البدر حين تمام)