وتقول: (مثل الأرز مبسم ثغرها) ... لا (الدر في نسق وحسن نظام)
وتقول: (أوكازيون) يا من يشتري ... وتقول: هذا السعر (للركلام)
وفي هذه الأبيات ركاكة مرجعها العبارات التي يحكيها عن (المجددين) فالإسفاف في الأصل، وناقل الإسفاف ليس بمسف، والشاعر يهجو بهذه الأبيات صنيع المجددين؛ ويقولون: (إذا هجوت فأضحك) فهو ينحو فيها منحى الفكاهة، وهذا المنحى يقتضي التبذل في التعبير. واستمع إلى ما قاله بعد ذلك، وقد جد الجد:
أنكرتمو الأعلام في أوطانكم ... في ذكر ما للغرب من أعلام
فكأنما الغربي في آدابه ... هو وحده المختص بالأحكام
ماذا من التجديد في تقليدهم ... غير الرجوع لأظلم الأيام
لم يضربوا مثلاً لنا من صنعهم ... بكراً ولا جاءوا برمية رام
لقطوا فتات الأجنبي وأقبلوا ... يتلمظون لنا بشبه طعام
ورموا بما التقطوا كأنا عندهم ... قطط الموائد تكتفي بعظام
هذا هو (الكلام الجد) يقوله (زعيم المحافظين)
إلى هنا ينتهي شأن الشاعر مع المجددين، ويبتدئ مع النقاد شأناً آخر، فيقول:
مالي وللنقاد أسمع رأيهم ... ما قادني عقلي إلى الأوهام
لي خطة وحدي وملء عقيدتي ... رأيي وعقلي رائدي وإمامي
وطني هو المملي عليّ قصائدي ... جددا وشعري لوحة الرسام
فكيف لا يسمع رأي النقاد؟ وهل خطة الشاعر ورأيه وعقله وإملاء وطنه عليه قصائده - هل هذه الأشياء تمنع من سماع رأي النقاد؟
وطني
قبل أن أسطر هذه الكلمات محوت كلمات وسطوراً، إذ أنني عند ما شرعت أكتب عن هذه القصيدة شككت في كل كلمة كتبتها، فأنا أريد فيما أكتبه عن هذه القصيدة خاصة أن أطبق المفصل، كما يقولون، فليس ينبغي إلا أن يقال عنها مثل ما قيل فيها. . ولعل هذا إيحاء من القصيدة وما صنعه فيها الأستاذ محمد الهيهاوي من الدقة والتجويد، وليس هذا كل ما صنعه، وليس هو فحسب الذي أوحى إلى المهابة، إن الذي أوحى إلى المهابة هو ما أُوحىَ