شابت كما شبنا وزال شبابنا ... فكأنما كنا على ميعاد
ويروى أنه كتب كتاباً فأشار عليه أحد من حضر أن يذرْ عليه نشارة، فقال قف، ثم فكر ساعة، وقال اكتب:
لا تشنه بما تذرّ عليه ... فكفاه هبوب هذا الهواء
فكأن الذي تدرّ عليه ... جُدَري بوجنة حسناء
ومن شعره:
ليت شعري هل دروا ... أي قلب ملكوا
وفؤادي لو درى ... أي شِعب سلكوا
أتراهم سلموا ... أو تراهم هلكوا
حار أرباب الهوى ... في الهوى وارتبكوا
وشعر هذا القاضي الجليل كثير جميل يدل على صفاء نفس وحِسّ مرهف وقريحة خصبة مواتية. ونكتفي بهذا القدر ونورد هنا بعض فوائد هن فرائد لهذا الإمام العظيم ذكرها في رحلته وغيرها وأوردها المقري. فمن هذه الفرائد قوله: سمعت الشيخ فخر الإسلام أبا بكر الشاشي، وهو ينتصر لمذهب أبي حنيفة في مجلس النظر يقول: يقال في اللغة العربية لا تَقْرَبْ كذا بفتح الراء، أي لا تلتبس بالفعل. وإذا كان بضم الراء كان معناه لا تدن من الموضع. . وهذا الذي قاله صحيح مسموع. . . ومنها ما نقله عن ابن عباس رضي الله عنه: لا يقل أحدكم انصرفنا من الصلاة فإن قوما قيل فيهم ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم؛ وقد أخبرنا محمد بن عبد الملك القيسي الواعظ، أخبرنا أبو الفضل الجوهري سماعا منه: كنا في جنازة فقال المنذر بها: انصرفوا رحمكم الله. فقال: لا يقل أحدكم انصرفوا، فإن الله قال في قوم ذمهم، ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم، ولكن قولوا انقلبوا رحمكم الله فإن الله تعالى قال في قوم مدحهم: فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء. . . ومنها قوله في تصريف المحصنات: يقال أحصن الرجل فهو مُحصَن بفتح الصاد في اسم الفاعل وأسهب في الكلام فهو مسهَب - بفتح الهاء - إذا أطال البحث فيه وألْفَج فهو مُلْفَج إذا كان معدما - فقيراً - فهذه الثلاثة جاءت بالفتح نوادر لا رابع لها. . ومنها قوله: سمعت إمام الحنابلة بمدينة السلام - بغداد - أبا الوفاء علي بن عقيل يقول: إنما تبع الولد الأم في