كل جانب وتشل حياة الأمة، وتقضي على رفاهتها، وتدفع بالشعب الأسباني إلى الجوع واليأس، وإن ذخائر أسبانيا الفنية قد أضحت عرضة لهجمات الجموع الثائرة التي تصدع بأمر الأجنبي، وتمقتها السلطات؛ وإن الأمة تدعو الجيش اليوم وتناديه لإنقاذها. . . الخ).
أما برنامج الثورة فيلخصه الجنرال فرانكو فيما يأتي: تحقيق السلام والإخاء بين جميع الأسبانيين، وضمان العمل والعدالة الاجتماعية، والقضاء على الانتخابات المزيفة، والاعتصابات المدبرة، وحماية الحكومة المدنية من كل النزعات الثورية، وحماية أسبانيا من الدسائس الأجنبية التي تعمل لخرابها. . .
على أننا نستطيع أن نتبين من خلال هذه الحوادث والظروف حقيقة أخرى، هي أن الحرب الأهلية تضطرم في أسبانيا من جبهتين من المبادئ، أعني بين الديمقراطية والفاشستية، وهذه هي نفس المعركة التي نشبت وما زالت تنشب في كثير من الأمم الأوربية بين قوى الطغيان والديمقراطية. ولا ريب أن الفوضى التي تعانيها أسبانيا منذ قيام الجمهورية، والأزمات الداخلية المستمرة، هي ذريعة القوى الرجعية في القيام بحركتها، وهي التي أدت بالحكومة الجمهورية إلى هذا الضعف الذي يعرضها إلى السقوط. ونلاحظ أن أسبانيا توجد اليوم في ظروف تماثل ظروف إيطاليا قبل قيام الفاشستية؛ فقد انتهت بها الاضطرابات الاشتراكية المتوالية إلى مثل الحالة التي تعانيها أسبانيا اليوم وألفت الفاشستية، أو بعبارة أخرى قوى الطغيان الفرصة سانحة للقيام بوثبتها، والقبض على ناصية الحكم إلى يومنا.
وليس من ريب في أن العسكرية الأسبانية المتمردة ترمي بوثبتها إلى غايات فاشستية محضة؛ ومهما كان من الصيغ والتصريحات الخلابة التي تستتر وراءها في القيام بحركتها، فإن ظفرها يعتبر خطراً على أسبانيا من الوجهة الدستورية؛ ذلك أن قيام الدكتاتورية العسكرية معناه القضاء على النظام الجمهوري، وما يترتب عليه من الحقوق والحريات العامة، والعودة إلى نظام الطغيان الذي أنشأه الجنرال دي رفييرا قبل ذلك بعشرة أعوام، وربما كان ظفر العسكرية من جهة أخرى مقدمة لعود الملوكية الأسبانية، وقيامها ثانية في كنف العسكرية الطاغية، ورهن نفوذها وإشارتها.
وثمة حقيقة أخرى، هي أن هذه المعركة التي تضطرم اليوم في أسبانيا بين قوى الطغيان