- ٥ -
ولما رحل إلى فارس افتقد الوجه العربي واليد العربية واللسان العربي فقال وهو يصف شعب يوان:
ولكن الفتى العربي فيها ... غريب الوجه واليد واللسان
ملاعب جنة لو سار فيها ... سليمان لسار بترجمان
وافتقد عرب دمشق الذين كانوا يكرمون مثواه فقال:
ولو كانت دمشق ثنى عناني ... لبيق الثرد صيني الجفان
يَلَنجوجيّ ما رُفعت لضيف ... به النيران نَدَّى الدخان
تحل به على قلب شجاع ... وترحل منه عن قلب جبان
منازل لم يزل منها خيال ... يشيّعني إلى النوبند جان
وذكره الثرد والنار يدلنا على أنه يريد بادية دمشق لا حاضرتها.
وقال في أول قصيدة مدح بها عضد الدولة:
أحب حمصاً إلى خناصرة ... وكل نفس تحب محياها
حيث التقى خدها وتفاح لب ... نان وثغري على حُميّاها
وصفت فيها مصيف بادية ... شتوت بالصحصحان مشتاها
إن أعشبت روضة رعيناها ... أو ذكرت حلة غزوناها الخ
ورجع إلى التغزل بالبدويات في شيراز فقال في القصيدة التي مطلعها:
أثلث فأنا أيها الطلل ... نبكي وترزم تحتنا الإبل
إن الذين أقمتَ وارتحلوا ... أيامهم لديارهم دول
الحسن يرحل كلما رحلوا ... معهم وينزل حيثما نزلوا
في مقلتي رشأ تديرهما ... بدوية فتنت بها الحلل
تشكو المطاعم طول هجرتها ... وصدودها ومن الذي تصل
ما أسأرت في القعب من لبن ... تركته وهو المسك والعسل
وقصة قتله برهان آخر على ما ندعي فقد حذره أبو نصر الجبلي وأشار عليه أن يستصجب خفراء فأبى أن يسير في خفارة.