ثم يبحث بفمه في شعرها المجعد الأسود الفاحم! لماذا لم يحاول أن يُقَبِّلها؟ إن القبلة هي عربون الحب كما يقولون! فلم لا ينقض جمال على فمها الحلو فيسقي من سلافته قلبه الظامئ؟ لا! لم يفعل، ولم يحاول أن يفعل. . . بل ظل يبكي كالطفل. . . بكاءً ساكناً هادئاً، لأنه صادر من القلب، بل من أعمق أغوار الروح. . .
(أ. . . أظن بحسبك ما بكيت يا جمال؟
(. . .؟. . .
(أهذه أول مرة إذن؟. . .
(سمية. . .
(جمال. . .
(أتعطيني موثقاً يا سمية؟
(وعلى أي شيء أقاسمك يا جمال؟
(على أن تكوني لي وحدي يا سمية. . . على أن تقطعي صلتك بكل من عرفتِ قبلي
(وهل عرفت أحداً قبلك؟ أنت واهم!
(أنت تهزأين بي يا سمية!
(لا. لست أهزأ بك، بل. . . أنا. . . أحبك
(وأنا. . . وأنا يا سمية. . . بل لقد فنيت فيك
(ثق أنني لم أقلها لأحد قبلك على كثرة من تعرف ممن ظننتهم أحبائي!
(إذن ستكونين لي وحدي! أليس كذلك؟
(سأكون لك! وأقسم لك إنني لم أكن لأحد قبلك
(وعلام تقسمين يا سمية؟
(أقسم على نفحة السماء التي غمرت قلبي حين ضغطت على يدي ليلة لقيتك. . . بل أقسم على الدموع الغزيرة الغالية التي ذرفتها أنت الآن!
ودنا منها جمال. . . وصافحها، ولكنه لم يقبلها؟!
ونقل من القاهرة إلى أسيوط، وانتقلت (سمية) معه، ثم تزوجها هنالك، ولكنه كان يعاشرها كما يعاشر الفنان دُميته، يهواها ويتعبدها، على عكس ما يقول الشاعر العربي؛ وكان شديد