ودخل في ميعاد مبكر لم تكن تنتظر مجيئه فيه، وسار بخطى متئدة حتى كان عند باب المخدع، فوجدها بين مصراعي دولابها الكبير تقلب أوراقاً، ثم تتناول من بينها صورة فتحدق فيها نظرها. . . وتلثمها وتبكي. . .
وكان السافل الوغد الذي كتب إليه الخطاب الذي أهاجه قد ذكر له أنه أهدى إليها صورته أكثر من مرة، وأنها أهدت إليه صورتها، فوقر في قلبه أنها تلثم الصورة المجرمة التي تدخرها ككنز لهذا الحيوان.
وفي ثورة جنونية، انقض جمال على سمية، وضغط بكفيه القويتين حول عنقها، فوقعت على البساط الوردي الفخم، بين الموت والحياة!
ولكن. . . وا أسفاه! لقد نظر إلى الصورة التي كانت بيد زوجته فوجدها صورته التي كان أهداها إليها ليلة الموثق، فأفاق من وسواسه، وانحنى يقبل سمية بفم مجنون، وشفتين مرتجفتين، ولكنها لم ترد عليه بكلمة. . . فحسبها قد قضت!
وصاح جمال بالخادمة. . .
ثم هرول إلى الخارج ليحضر طبيباً. . .
ولكنه عاد ليجد الخادمة تقول له:
* (سيدي. . . لقد سافرت!
* (سافرت؟!
* (أجل. . . سافرت إلى القاهرة! هكذا قالت لي، وهاك خطاباً منها. وفض جمال الخطاب فلم يجدها زادت على هذا السطر.
(جمال! اضطررتني اضطراراً أن أعود إلى الذئاب لتغتذي بمرضي وتوغل في دمي، والذي يؤلمني أنني أكاد أضع لك ولداً في طريقي إلى القاهرة!!).
وكاد جمال يختنق!
وهرول إلى المحطة لأنه نظر إلى ساعته فوجد أن القطار لا يتحرك قبل عشر دقائق. . . ولكنه وصل إلى المحطة ولم يجد سمية هناك، فانتحى ناحية وأخذ يفكر. . . ثم ذرف دموعاً سخينة أخفاها في منديله، وأيقن أن سمية قد سافرت في سيارة.