الغربية الموفقة في معناها الحديث الذي دفعتها إليه النهضة الأخيرة، وأن يخلق في العربية أو يكشف في بحرها الزاخر عما يترجم لغة أبناء الغرب أصدق ترجمة، ويزجيها إلى أسمع العالم العربي سائغة المعنى، عربية الرنين موفورة الحظ من بلاغة أبناء العرب وفصاحتهم. .
ولن ينسى قراء العربية فضل هذا الفريق أبداً، فلقد فتح بجهوده وتمكنه وسلامة ذوقه العربي فتحاً في العربية جديداً، وكان له - وهو المترجم - فضل لا يعلو عليه فضل الواضعين أو المتكبرين، لأنه البوتقة التي صهرت جميل فن الغربيين، فاستحال فيها فناً عربياً رائعاً.
ويتزعم هذا النفر ثلاثة من نوابغ الأدباء المصريين، وهم: الزيات، والمنفلوطي، والمازني.
فأما الزيات، فيمنعني عن الإشادة بفضله أنه مدير هذه المجلة، وأنه رجل يعرف فيه قراء العربية التواضع الكثير والنأي عن الضوضاء، وأخشى - وهو صاحب الحق في النشر - أن يحول تواضعه الغزير بين هذا البحث وبين أبصار القراء وأسماعهم. .
على أن كل هذا لا يمنعني من القول بأن جهده في سبيل القصة لن ينساه له تاريخ هذا الفن في الأدب العربي، ولن ينساه له أولئك المتأدبون الشبان الذين عرفوا من معرباته معنى القصة الناجحة ولونها، والذين مضوا بعد ذلك يقفون أثره ويتلمسون الطريق التي مهدها لهم وفتحها أمام تفكيرهم. . حين نقل إلى لغة الضاد (لامرتين) و (جوت) في أبدع ما صورت الشاعرية الفرنسية والألمانية، وأنجب الخيال اللاتيني والجرماني. . وستبقى (رفائيل)(وآلام فرتر) على الأيام مثلاً بديعاً للتعريب الكامل الذي تكاد تغلب فيه قوة المترجم، كما بقيت (كليلة ودمنة) تتحدث إلى يومنا هذا بفضل ابن المقفع.
وأما المنفلوطي، فقد كان جديراً بأن يزجي إلى القصة فضلاً أكثر من فضله، فهو الأديب بفطرته والقصصي بفطرته. . ولو شاء الله وبسط أمامه سبل دراسة هذا الفن، أو قارب بين لسانه وبين لغة من اللغات الحية، لكسبنا فيه قصصياً عظيماً ولكان نتاجه في فننا هذا نتاجاً باقياً خالداً. . على أنه برغم هذا مشكور الأثر باقي الذكر، ممتاز بما خص به من أدب رائع، وذوق فني بديع، وجذالة تفعل في لسان الناشئة فعلاً محموداً.
وأما المازني - المترجم - فبالغ قمة التوفيق، كزميله الزيات، لوفرة علمه بلغة الإنجليز،