كل هذا أزال الاحترام الذي كان للحزب الراديكالي الاشتراكي في أعين الشعب.
وتلا ذلك انسحاب مسيو هريو رئيس الحزب الراديكالي حينئذ والوزراء الراديكاليين من حكومة (الرئيس دومرج) ذات الشهرة الشعبية، حينما كادت مجهودات (الشيخ الجليل) تثمر وتعود على فرنسا بالخير، مما أدى إلى سقوط هذه الوزارة الشعبية وعودة مسيو دومرج إلى (تورنفي). فأبغض موقف الراديكاليين كثيراً من أنصارهم؛ كما أن موافقة الراديكاليين على سياسة مسيو لافال الخارجية المنافية لمبادئ أحزاب الشمال كانت سبباً كبيراً في إضاعة شهرة هذا الحزب.
وكانت العوامل الإيجابية التي أدت إلى تفوق الحزب الاشتراكي سبباً سلبياً في خذلان الحزب الراديكالي.
يمكن القول بأن الحزب الاشتراكي الفرنسي هو الحزب السياسي الوحيد الذي يستحق هذا اللقب، إذ هو يحتوي على جميع التشكيلات الأساسية لحزب سياسي. . . موحد الصفوف والنظام سائد فيه، ولا يمكن لعضو ما أن يقوم بعمل يخالف ما اتفق عليه الحزب دون أن ينال جزاءه. ولا تستطيع الهيئة التنفيذية، وعلى رأسها الرئيس، اتباع سياسة لم يقرها المؤتمر العام. . . والاشتراكيون كتلة واحدة في مجلس النواب، يصوتون جميعاً مع الحكومة أو عليها. ولهم تشكيلات اجتماعية مفيدة وتقوم بتهذيب الشباب والنساء تهذيباً مدنياً وسياسياً. . . فالحزم والنظام موجودان فيه وهما ما يحتاجه الشعب الفرنسي، ولا عجب أن تكون هذه الصفات السياسية التي يتصف بها الحزب الاشتراكي قد ساعدت كثيراً على تقدير الشعب له.
وللحزب الاشتراكي رئيس قدير: مسيو بلوم، يعرف كيف يتطور ويضع مبادئ حزبه الاشتراكية في شكل يقبله قسم كبير من الشعب.
إن أكثرية الشعب الفرنسي الساحقة مؤلفة من الفلاحين الصغار الذين يعملون بأيديهم مع أفراد عائلاتهم في الحقول ويعتاشون من عملهم؛ ومن صغار التجار الذين لا يكونون ثروة ذات اعتبار. وقد تيقن مسيو بلوم بأن لا قائمة تقوم لحزبه إن لم يربح عطف هذا القسم من الشعب. ولما كان الفلاح في فرنسا متعلقاً بأرضه تعلقاً يفوق حد التصور ويموت في سبيلها، رأى مسيو بلوم من الواجب عليه تأمين الفلاح على أرضه إن رام نيل صوته؛