عن موعدها فيقلق حمادة ويضطرب، ويسمج في عينيه كل شيء من الطبيعة الساحرة التي حوله، حتى بدرها الذي كان للحظة قصيرة يتلو عليه مزامير الحب، يخيل إليه أنه مظلم قاتم، أو أنه جذوة من الشك السادر الحزين تجوب أقطار السماوات.
(لم لم تأت يا ترى؟ آه اللعينة! أخشى أن يكون في الطريق إلى قلبها فتى سواي. . . سأعرف. . . لا بد. . . لابد أن أعرف. . . سأسألها الليلة، لابد أن ألقاها مهما كانت ظروفها، لن تستطيع أن تنكر، ماذا تقول؟ هيه!)
وصعد إلى الجميزة لأنه لم يحتمل مرور الزمن وهو يترقب وينتظر، وجمع قليلاً من الجميز الفلكي الأحمر الكبير، وهبط ليلقى فاطمة تنتظره، فقذف بالثمر الناضج على العشب، وفتح ذراعيه وضم إلى صدره فاطمة، واحتملها كاللعبة، ويمم شطر المنعزل الهادئ القريب من الماء. . . ثم جلسا يتناجيان. . .
- (لماذا أبطأتِ عليّ يا بطة؟)
- (لا شيء، غير أنني كان يخيل إليّ أن الطريق كلها عيون ترقب جميع حركاتي، وكنت على غير عادتي أشعر بقلبي يخفق خفقاناً شديداً. . . حمادة أليس قلبك يخفق مثل قلبي؟).
- (يخفق؟ يخفق فقط؟ إنه كاد ينخلع هذه الليلة يا طمطم لأنك أبطأت كثيراً. . .).
- (حمادة، أنا خائفة. . .).
- (خائفة؟ من ماذا يا حلوة؟ هل هنا عفاريت؟).
- (لا، ليس من العفاريت، فالليلة مقمرة. . . الحمد لله. . .).
- (إذن مم تخافين؟ هل تعقبك أحد إلى هنا؟).
- (لا. . . لا أظن، ولكن. . .).
- (فاطمة. . . كفى! يجب ألا تفكري في شيء ما دمت معي. . . تعالي يا فاطمة، هاتي فمك الخمري الجميل، الله! ما أشهاه يا فاطمة! قبلة ثانية، لا والله، لابد، لابد، فاطمة، أنت ترفضين؟ آه! يا قلبي!).
- (حمادة! أنا خائفة قلت لك!).
- (خائفة من أي شيء يا طمطم؟).
- (من. . . من. . . منك. . . أنا خائفة منك يا حمادة؟!).