الألمانية. ومنشن مدينة ضخمة، ولكن يبدو عليها كثير من آثار القديم، في شوارعها وفي مبانيها، وما زالت بها عدة أبواب من آثار العصور الوسطى. وفنادق منشن عديدة، ولكن ينقصها شيء من الأناقة وحسن لتنسيق. على أن أروع ما في منشن مطاعمها وبيرها الضخمة التي لا تضارعها أية أمكنة أخرى في أوربا:(ليفن بروي)(ماتيزن بروي)(توماس بروي)(منشنر بروي) وكثير غيرها؛ وإنك لتدخل أحد هذه الأبهاء الشاسعة فيدهشك منظرها ويسحرك معاً. تصور أبهاء هائلة طول كل منها نحو مائة متر أو يزيد، وعرضه خمسون متراً أو يزيد، وقد عقدت عليها منحنيات رائعة، وصفت فيها مئات الموائد، وغصت بآلاف الشاربين والآكلين؛ وأروع ما في هذه الأمكنة القاعات التي تحت الأرض أو الأقبية الهائلة التي تمتد تحت بناء ضخم أو أكثر. وتصور هذه الجموع البشرية المكتظة وهي تحتسي أقداح البيرة؛ وأي أقداح؟ أقداح هائلة من الخزف أو المعدن يسع القدح منها لتراً أو أكثر من البيرة الصابحة اللذيذة، ولا يتجاوز ثمنه قرشين! ثم تصور أطباقاً ضخمة تغص بمقادير وافرة من الطعام الشهي بأثمان معتدلة جداً. وإنك لتشهد الأقداح المزبدة والأطباق الحافلة تنفث الدخان العطر، والحنايا المعقودة والثريات الساطعة فوق رؤوس الجالسين في هذا الرحب الشاسع، والآنسات يهرولن للخدمة - والآنسات يقمن بالخدمة في مقاهي منشن ومطاعمها - ذلك منظر رائع ساحر معاً لا يستطيع السائح أن يشهده في أية عاصمة أخرى.
وأهل منشن يأكلون ويشربون بكثرة؛ والألماني على وجه العموم نهم يفرط في الأكل وفي الشراب في كل وقت، وهو على خلاف الفرنسي لا يحب الأحجام والمقادير الصغيرة، بل يؤثر الأحجام والمقادير الوفيرة في كل شيء. وللطعام الشهي لديه لذة خاصة يستمرئها؛ والطهي الألماني غني بمادته الوفيرة من مختلف اللحوم والخضر وات، ولكنه قليل التنوع؛ أم الطهي الفرنسي فيلاحظ فيه فقر المادة مع كثرة في التنوع.
ومما يلاحظ أن الشعب البافاري لا يتمتع بكثير من التناسق في الجسم والملبس، فهم يرتدون أغرب الأزياء والألوان دون تناسق ولا ذوق؛ ويمتاز الرجال في الغالب بالتكرش والترهل؛ والشباب لا تبدو عليه آيات النضارة كالشباب السويسري مثلاً. وكثير من الشباب يضعون النظارات على عيونهم، بل يضعها كثير من الضباط والجند. ولا يتمتع