وشارلوت برونتي ومز جاسكل؛ وفي هذا الفن، فن القصص، أنتجت المرأة الإنجليزية أحسن ما أنتجت من أدب، على حين كان الشعر هو الفن الذي نبغت فيه المرأة العربية.
ومن وجوه الاتفاق بين تاريخي المرأتين أنْ ظهر لكل منهما في الأدب الذي تنتمي إليه عدوٌّ عنيد أنحى عليها بقوارص الكلام: ففي العربية صب المعري جام نقمته على الحياة على المرأة التي خيل إليه أن طباعها هي طباع الحياة الخاتلة، وفي الإنجليزية ندد ملتون بالمرأة في كتاباته وأشعاره، وأنزلها منزلة دون الرجل، ووصمها بالحمق والختل، وجعل شخصية دليلة في قصته الشعرية عن سمسون الجبار مثال تلك المرأة. على أن مما له دلالته أن ملتون كان فرداً يعبر عن أفكاره الفردية التي اكتسبها من ظروفه التعسة ولا يجد من حوله سميعاً، بينما كان المعري ينعب نعيبه في أوائل عهد انحطاط المرأة العربية واشتداد وطأة الحجاب عليها، فلا ريب أنه كان يجد آذاناً صاغية وأنه مسؤول عن بعض ما حاق بها بعد ذلك من قهر وإهمال.
وقد عرف الأدب العربي عنصراً من النساء لم يعهده الأدب الإنجليزي: هو عنصر الجواري اللائى كن يبرعن في الأدب والموسيقى ويجتمع إليهن الأدباء ويشببون بهن، ولكن الأدب الجزل الصحيح لم يستفد كثيراً من ذلك العنصر المترف المتبذل، في حين أن أثر أولئك الجواري في سقوط منزلة المرأة واضح محقق.
ويمكن حصر الأدب المتعلق بالمرأة في اللغة العربية في أبواب أربعة: النسيب، وحوادث عظيمات النساء، والتمدح بالعفة واحترام المرأة في عصرها الأول، والغض منها في عصرها المظلم.
والتمدح بالعفة وتوقير المرأة والتقرب إليها بمكارم الأعمال من أنبل أغراض الأدب العربي وهو ضرب من القول ينفرد به دون الأدب الإنجليزي؛ وبديهي ألا يكون ذلك إلا في عهد علو مكانتها في النفوس، ومنه قول مسكين الدرامي: