للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

العاطفة ودقّة التصوير. وجميع هذه القصائد تؤلّف مجلداً كبيراً من الشعر، جُمِعَ ونُشِر سنة ١٨٠٤؛ وتشاترتن كان ينسب أهم ما فيه إلى الشاعر رولي.

لهذا بينما كان العالم الأدبي ينهج في خطى بوب وجونسن الأدبية الكلاسيكية، كان هذا الشاعر الشاب يمهّد السبل القومية للإبتداعية ذلك بأنه كان يعود إلى ينابيع قديمة فيستقي منها نتاجه الأدبي أو يستوحي منها عبقريته الخالدة؛ فيعمل بذلك على نشر الميزات التي يختصّ بها أدب الإبتداعية.

ولقد وجد شعراء القرن التاسع عشر في أدب تشاترتن وحياته الرومانتيكية مرتعاً خصباً للخيال والروح، فقد تأثر الشاعر كولردج بأدبه إلى حد بعيد؛ وهذا يظهر جلياً واضحاً في قصيدته المشهورة ولكولردج هذا قصيدة بديعة، اختصها برثاء تشاترتن اسمها وقلْ مثل ذلك عن كيتس؛ إذ يستدلّ من إهدائه قصيدته الخالدة إلى تشاترتن أنه كان يستوحي عبقريته، ويستمد نشاطه الأدبي من روح الشاعر الشاب. ليس هذا فحسب، بل أقر غيرهما من الشعراء الابتداعيين بنبوغ تشاترتن؛ فذكره شلي مثلاً في قصيدته (أدونيس) التي رثى بها كيتس في عداد الشعراء الذين قضوا في ميعة الصبا، ووردزورث لم يشأ إلا أن يقول فيه، في قصيدته (الانحلال والاستقلال) & تلك الكلمات الرائعة، التي أصبحت مثلاً سائراً بين الشعراء وهي:

, ,

ومعنى ذلك:

(لقد فكرت طويلاً في ذلك الصبي العجيب بل في تلك الروح اليقظة التي قضت آن شموخها وعزها).

والشاعر الشهير دانتي روزيتي يذكره مع أعاظم شعراء الإنكليز في

ولقد لاقى تشاترتن في خريف سنة ١٧٧٠ من ضنك العيش وسوء الحال ما دفعه مراراً إلى الانتحار، حتى إنه كتب مرة وصية ينبئ فيها بعزمه الأكيد على الانتحار في أقرب الفرص، شارحاً الأسباب الحافزة له على التخلص من الحياة، لكنه عدل عن ذلك لسبب ما؛ فاستقال من وظيفته، وقصد لندن حيث قضى نحو تسعة أسابيع؛ ومن ثمَّ توجه إلى هولبرن حيث صرف مدة انعزل في خلالها عن العالم وعاش عيشة تصوف وهدوء عميقين؛ فتمكن

<<  <  ج:
ص:  >  >>