أن ترجع إلى الظروف التي أحاطت بالمتعاقدين، لأن العبرة في وصف العقود بالحقيقة التي قصدها المتعاقدون لا بالصورة التي تدل عليها الألفاظ والنصوص. كما أن المحكمة لا تستطيع أن تنظر إلى العقد المذكور مستقلاً عن الورقة الأخرى التي استصدرها الوالد من ابنه على طول المدة التي تقرب من سنة بين تاريخ العقد وتاريخ الورقة سابقة الذكر لأن تحرير هذه الورقة معناه أن المتعاقدين أرادا أن يكملا بها العقد بحيث يصبح منه جزءاً لا ينفصل، أو تكون معه كلا لا يقبل التجزئة).
تلك نماذج للغة الأحكام في يومنا الحاضر أتينا بها على سبيل التمثيل لا الحصر، فإن مجموعات الأحكام زاخرة بثمار قرائح خصبة وأقلام مواتية.
(وعلى من مارى أن يقرأ فإنه لا رأي لغير مطلع عليم).
وحدث ولا حرج عن أحكام محكمة النقض والإبرام في عهدها الحاضر. ارجع إلى أي حكم تقع عليه يدك من أحكام دائرتيها. اقرأ ما شئت بلا تمييز تقرأ أدباً عالياً قد أسبغ على قضاء المحكمة العليا ما كان يجب له من روعة وجلال.
لسنا نحاول هنا تحليلاً لهذه الناحية من أدب العصر، ولكن من ذا يملك أن يمر دون أن يقف وقفة إعجاب وطرب على مثل هذا القول لمحكمة النقض ترسم به حدود حرية النقد:
(وبما أن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن العرف جرى على المساجلة بالعبارات الحماسية والأساليب التخيلية وألفاظ التهويل والمبالغة والتحذير والترهيب لمجرد التأثير على النفس وحملها على التصديق في الشؤون التي ليس من المستطاع حمل الناظر على تصديقها بالطرق البرهانية الهادئة. هذا الرأي لا تجيزه محكمة النقض والإبرام، بل إنها تصرح بأن فيه خطراً على كرامة الناس وطمأنينتهم وتشجيعاً للبذاءة ودنس الشتائم. والحقيقة ليست بنت التهويل والتشهير والمبالغة والترهيب بل بنت البحث الهادئ والجدل الكريم. وإذا كان لحسن النية مظهر ناطق فإنه الأدب في المناظرة، والصدق في المساجلة).
بل انظر إلى لغة هذه العاطفة الجياشة تجلجل بحق الإنسان إذا عذبه إنسان لا فرق لدى حارسة القانون بين رجل ورجل:
(وبما أن هذه المعاملة التي أثبتت المحكمة أن المجني عليه كان يعامل الطاعنين بها هي إجرام في إجرام، ومن وقائعها ما هو جناية هتك عرض يعاقب عليها القانون بالأشغال