نساء بلدة لأكثر من خطب معدودة تلقيها امرأة ملهمة يملي عليها الحق الأعلى ما تقول، فتخلق من كل فتاة زوجة صالحة، ومن كل زوجة أما رؤوما.
إن الشريعة في هذا الشرق العربي إنما هي وحي من السماء لخير المجتمع في مختلف الأحوال والعصور؛ ولشرعة الزواج بخاصة في هذه البلاد ما ليس لأي قانون ابتدعه الناس في سائر المعمور من حكمة ومرونة، فهي عقد فيه للجاهلية المنحطة روادع وقيود، وللمستنيرة الراقية الفاضلة بحال رحب يمتد فيه حقها قدر استحقاقها.
الحق استحقاق وليس هبة؛ وما ظلمت نساء الشرق في أدوار انحطاطه إلا لقصورهن عن نيل هذا الحق.
أما وقد آذنت الساعة بالنهوض، وقيض الله لمصر والشرق العربي من يرى إصلاح المجتمع بتساوي أهمية وإصلاح الهيئات الحاكمة فيه، فقد حق على النابهين رجالاً ونساء أن يؤدوا رسالة الإصلاح لإحياء الأمة واستعادة مجدها.
فلنستثمر إذن نهضة الناهضات في سبيل الخير العام لإقالة الأسر من كبواتها على الأس الآتية:
١ - إحياء شعور المرأة بقداسة رسالتها، فتحس بأن لها شخصية مستقلة يسودها الانتخاب الطبيعي للرفيق مترفعاً عن كل استهواء للمطامع والشهوات المضللة. إن أشقى الناس من ضعفت شخصيته إلى درجة التردد في اختياره، وأذل فتاة في الحياة من تقف حائرة بين طلابها فتنصب ميزان الترجيح ذاهبة مع الاعتبارات الفانية للتحكم بالحوافز الخفية العالقة بأهداب الخلود.
٢ - تمكين عقيدة المرأة في أن حريتها كامنة في عبوديتها (لاشتياقها) كزوجة وكأم، وإن انعتاقها من هذه العبودية إنما هو كفر بربها وبذاتها.
٣ - تفهّم سيادة الرجل القوام على المرأة على ما قصده الشرع من تأمين الحاجة والرعاية والصيانة، فلا تؤول كما يحلو لبعض الرجال تأويلها بأنها تحكم وإرهاق واستبداد بالشخصية التي خلقها الله فأودعها إرادته. إن من يفهم السيادة تحكماً بالذات لا خدمة لها إنما ينصب نفسه قواماً على فضل الله وقدره.
٤ - إقصاء المرأة عن كل عمل يقصيها عن واجباتها، إذ لا بد لكل مجتمع تترجل نساؤه