البليد! ولا أقول أنتم معشر (المهذبين) المثقفين - لا تحبوننا نحن معشر النساء، كلا فأنكم تحبوننا ولكنكم تريدون من (المرأة) أن يكون شعورها وعواطفها جميلة، مصبوغة، مزينة، رقيقة كوجهها وشفتيها وأظافرها! ولا تكلفون أنفسكم مشقة فهم المرأة، وإنما تريدون من المرأة أن تفهمكم!
- أو تحبين؟!
وكان صوتها اضطراباً كلما ازدادت حزناً
- (لقد أصبت في سؤالك هذا!
- وكيف أصبتُ في سؤالي؟
- لأنك عنيت به الحقيقة. . أيمكن أن أحبّ أنا، أو نحب نحن؟ حقاً أنحب نحن؟ أو تصدق أنت ذلك؟ لقد سألت نفسي مراراً. . فلقد تمرّ من أدمغتنا أفكار عوجاء وهوجاء، وترينا الأيام حوادث عصيبة رهيبة تدك أعصابنا دكا فتجعلها واهنة القوى ضعيفة التفكير معدومة المقاومة تفقد معها خاصة التفريق بين الشعور الذي نشعر به من صميم القلب، وبين الإحساس الذي نحس به لمجرد اللهو والعبث، وفي أيهما نحن صادقون. . . ومن ثم أنتم!. . . آه منكم!! قالت ذلك وصرت أسنانها وضربت الأرض بقدميها كمن يحاول أن يسحق شيئاً سحقاً، أو يقطعه إرباً إرباً. نحن نخدعكم ما دمتم على وجه البسيطة ونسيء إليكم دواماً. أليس كذلك؟ ولكن ماذا تقولون في الإساءة التي تسيئون إلينا بها أنتم معشر الرجال؟
أكبر الإساءة التي تُرتكب نحونا هي إساءتكم. . نصدُق لكم قولاً وفعلاً فلا تثقون فينا! وإذا ما أحببناكم فلا تصدقوننا! نقسم لكم الأيمان المغلظة فلا تؤمنون بنا!! وتشتبهون حتى في طعامنا وشرابنا! والشبهة مرض يسري أيضاً وينشب أظفاره فينا، ونأخذ نشتبه حتى في أنفسنا فنحب، فتأتي الشبهة على بالنا فتحملنا على الشك في حبنا هذا! وتنغص منا العيش. . وتتسع دائرة الشبهة هذه فلا نثق حتى في أنفسنا!
تحسبون أننا نحب من أجل المال. أو يظهر أننا نحب من أجل المال! وأضرب لك مثلاً. . أنا ذلك المثال. فأنا أيضاً امرأة أحب من أجل المال، أليس كذلك؟
قالت ذلك وتوقفت عن الكلام ومدت يدها إلى القدح الذي كان أمامها فشربته إلى الثمالة.
لم يصدقوا أنني أحب حقاً. . . وهذا الرجل الذي أحبه أيضاً يعطيني كل ما يربحه من