للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الحديث وروايته. وللبيئة - ولا ريب - أثر في خلق هذا الميل فيهن وطبعهن بهذا الطابع.

والشاعرة الوحيدة التي ذكرها (السخاوي) وترجمها ترجمة مفصلة هي (فاطمة) المشهورة بلقب (ستيتة) ابنة القاضي كمال الدين محمود بن شيرين الحنفي. قال المؤلف ما نصه:

(ولدت كما كتبته لي بخطها في سادس المحرم سنة خمس وخمسين وثمانمائة بالقاهرة ونشأت فتعلمت الكتابة وتزوجت الناصري محمد بن الطلبغا ثم مات عنها فتزوجها العلاء علي بن محمد ابن بيبرس حفيد ابن أخت الظاهر برقوق فاستولدها بيبرس، ولاحظ لها في ذلك مع براعتها في النظم وحسن فهمها وقوة جنانها حتى كانت فريدة فيما اشتملت عليه. وقد حجت وجاورت وسكنت بجوارنا. ومما كتبت به إلي بعد مجيء الخبر بموت أخويَّ من نظمها:

قفا واسمعا مني حديث أحبتي ... فأوصاف معناهم عن الحسن جلت

أناس أطاعوا الله نارت قلوبهم ... وأيصرت الأشياء من غير نبأة

وقد كوشفوا عن كل ما أضمر الفتى ... ونارت قلوب منهم ببصيرة

ومنها:

أثابكم ربي وعظم أجركم ... على فقد أحباب وأحسن جيرة

كرام سموا علماً وحلماً وسؤددا ... وكنتم بهم في غبطة ومسرة

قطعتم لذيذ العيش وصلاً بقربهم ... فوا أسفا عند الفراق وحسرة

ومم كتبه إليها المؤلف مجاوباً: (يا بديعة المعاني، ورفيعة المباني، ومن فاقت الكثير من الرجال فضلاً عن النساء، وراقت أبياتاً فحاكت الخنساء؛ حفظ الله تعالى دينك ودنياك الخ).

ولها أشعار كثيرة وقصائد مطولة تدل على مبلغ اجتهادها في تحصيل العلم والأدب. ولها أيضاً مطارحات شعرية مع بعض الأدباء رجحوها بها عليهم.

ومما يستحسن ذكره ومرت الإشارة إليه أن المؤلف ذكر ترجمة موجزة لبعض قريباته: منهن جدته وعمته وابنة شقيقه وأخته بالرضاع ووالدة امرأته التي أصيبت بالفالج وماتت عقب ذلك لدى سماعها خبراً مكذوباً عن وفاة المؤلف وابنتها زوجته وهما في الحج. وكذلك جاريته (أبرك) الحبشية (التي كانت ضابطة لبيتهم قانعة صافية).

ومن يتأمل الكتاب وتراجم نسائه يلمح وقوع أمور في ذلك العصر لا يزال يقع مثلها في

<<  <  ج:
ص:  >  >>