- (ماذا تقول؟ كنا نضرع إلى الله!. . . ماذا قال لك الدكتور اليوم؟).
- (هذا هو الذي كنت أخشى أن يكون! ليهدأ قلبك يا بُنيَّتي، وليستيقظ عقلك الساهي. . . أريد ألا أفقد ابنتي الوحيدة كما فقدت زوجتي ارحمي أباك الشيخ المحطم الذي لم يعد له أمل في الحياة غيرك. . . أنت شمسه المشرقة فلا تحرميه من دفئها إلى الأبد. . . إن ثلج لمشيب يطفئ روحي قليلاً قليلاً. . . وكلما رأيتك يا سهام ارتد إليَّ شبابي، وانهزمت آلامي، وتفرجت كروبي. . . فلولاك للحقت بأمك، ولولاك لأغطش ظلام المنون حياتي. . . سهام! انظري إليَّ! أرهفي أذنيك! تحملي الصدمة معي. . . نادر في الطور الأخير من المرض. . .).
- (بابا. . .).
- (سو. . .! سهام! هي صدمة كبيرة لا شك، وأشد منها أنني أرجوك. . . أرجوك يا ابنتي. . . أرجوك. . . يا. . . سهام!).
وساد بين الرجل وابنته صمت عميق، تخللته دموع أَسْوَانة. . . ثم وصل الأب حديثه قائلاً:
- (أرجوك يا ابنتي أن تقطعي علائقك بنادر. . . دعي ما في القلب للقلب، ولكن لا تذهبي إليه. . . لا تزوريه في المصحة. . . لقد أنذرني الدكتور مرتين، وقد فصل الممرضة المسكينة التي كانت ترحم دموعك وترثي لحبك فتوصلك إليه في ظلام الليل خلسة! العدوى يا سهام! أنت غالية عندي جداً، وعزيزة عليَّ جدً، وإذا فقدتك فقدت كل شيء. . . سهام! سهام! تكلمي يا ابنتي! ردي عليَّ! ماذا؟ تبكين!؟ أنت طفلة. . . لا، لا. . . ألم يخلق الله غير نادر. . .).
- (بلى. . . بلى يا أبي! لم يخلق الله غير نادر لي. . . لي أنا على الأقل! ولذلك. . . لا أعدك! لا يمكن أن أعِدَك يا بابا. . . و. . . أنا متعبة جداً. . . أريد أن أنام. . . عن إذنك).
مسكينة سهام! لقد جاءت نصيحة والدها متأخرة جداً! لقد كانت تنتظر حتى تنام أعين الرقباء، وتغفى جفون الليل، ثم تنسل في جنح الظلام إلى المصحة، غير حفلة ببرد الشتاء،