للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وتتفرق ويقع فيها الاختلاف والتضارب والمناقضة.) ونحن ننقل للقارئ أدلة على هذا الذهول من مواضع متفرقة من كتابه ليستبين أن الكاتب لم يتمكن من ضبط فكرته فانتشرت عليه وتفرقت. قال في ص٤٨: (بينا لك فيما مر ما بين أبي الطيب وبين العلويين، وأن صاحبنا كان له عندهم ثأر قديم. . .) يقصد بما مر احتماله الذي لخصناه آنفاً. وقال في ص٥٢: (وبينٌ على مذهبنا في نسب المتنبي أن الرجل حبس من أجل دعوى العلوية) وقال في ص٥٨: (وكأني بالمتنبي في طريقه يظهر في القبائل والمدن أمر نسبه ويذيع بينهم أنه علوي الأصل شريف النسب محتالاً لذلك بالدهاء. .!) فأنت ترى أن هذا النسب العلوي وعداء العلويين كانا فرضاً أول الكتاب ثم صارا حقيقة مقررة في وسطه.

وماذا في أن يكون المتنبي علوياً حتى يهتم به العلويين هذا الاهتمام، وحتى يحتال هو لإذاعته في القبائل والمدن بالدهاء والبلاد تعج عجيجاً بالعلويين والأشراف؟

والغريب أن يتخذ الأستاذ من نظريته هذه التي افترضها برهاناً يضرب به كل الروايات والأخبار التي تحمل أمر تنبئه ويشغل الأمراء والناس والعلويين ودعاتهم بأمر فتى دون العشرين يدعي العلوية فقط، فيقول في رد رواية اللاذقي ص٤٨: (أما اللاذقي فمجهول ولا يتيسر نقد سنده، ولكن مما لاشك فيه أن اللاذقية التي نسب إليها كانت لوقت أبي الطيب موطناً لفئة من العلويين ومحطاً لكثير من كبار الدعاة العلويين الذين حدثوا أحداثاً عظيمة في التاريخ العربي كله) هل اهتمامهم بفتى دون العشرين من عمره من الأحداث العظيمة التي أحدثوها في التاريخ العربي كله أيها الأستاذ؟! ولم لا يغتالونه مرة واحدة ويريحون أنفسهم من وضع الأخبار والدس عند الحكام؟ إن في الأمر مطامح لنفس هذا الفتى جعل سلمه إليها شيئاً آخر مع العلوية هو أكبر منها وأخطر.

وقد رددت أنا قسماً كبيراً من رواية اللاذقي هذا، ولكن لشيء غير ما ذهب إليه الأستاذ الكريم وسأبينه قريباً. وما أكثر ما يبين الإنسان لنقسه الخطة في البحث ثم (تنتشر عليه الفكرة) فيبنى على ير أساس. ولست أجد كلاماً في تصوير عمل الأستاذ وأصوله في بحوثه أصدق من قول الجاحظ في إبراهيم النظام وهو هذا: (وكان عيبه الذي لا يفارقه سوء ظنه وجودة قياسه على العارض والخاطر السابق الذي لا يوثق بمثله، فلو كان بدل

<<  <  ج:
ص:  >  >>