يزعمونه إنما هو من أباطيل الرواة)، (أخبار متداولة تهور كثير من الأدباء في التسليم بصحتها)، (أما كلمة كافور فمفتعلة)(وأسخف من هذه الرواية رواية من يروي. .) إن أقواله هذه ولو اتبع كل كلمة منها بجميع مرادفاتها ومؤكداتها اللفظية والمعنوية. . هي أليق بمظاهرها هتافية ينادي فيها بسقوط فلان وفلان منها ببحث علمي العمدة فيه الحجة والبرهان. وأي شيء في أن ينبز كاتب روايات التاريخ بالبطلان والكذب، ثم لا يكون دليله عليها إلا أنها كذب وبطلان!!
هذا وقد حمل الأستاذ أقوالي ما ليس تحمل: فأنا لم أدع للمعري تنزهاً عن الخطأ، ولم أقل بأن (ورود خبر في كتب العلماء هو الدليل الذي لا دليل غيره)، وما جعلت قرب الزمن دليلاً على الصحة بل هو مما ييسر للمحقق وسائله. كما أني لم أسلم بكل الروايات ولم أعدها صحيحة ابتداء، فقد رددت منها ما وجدت فيه إلى الرد سبيلاً، ونقدت حكماً أدرج في مصدر من أمهات المصادر وأجلها وهو خزانة الأدب حين وجدت للنقد مجالاً؛ ولكل من النقد والرد والتسليم مواطن. وكيف تريدني أن أقنع قرائي بأمر لم أقتنع به، وإلى أشياء أخرى يتحقق من رجع إلى مقالي أني لم أذهب إليها؟
ونحن لم نتهم الأستاذ بالعصبية للمتنبي ولكنه هو هو قدم لنا في رده دليلاً على عصبيته لرأيه، وليس لنا في هذا الأمر يدان. ولما قلت عن كافور:(وكافور ليس من الذين يختلقون على شاعر، ولا ممن يروّج الاختلاق) خُيِّل للأستاذ أن ثمة نصراً مؤزراً فقال: (إن الأستاذ قد حكم على كافور حكماً لم يرد له ذكر في كتاب، فهل يستطيع أن يؤيد هذا الحكم بالدليل التاريخي والبرهان العقلي أن كافوراً لم يكن يختلق على الناس ولا يروج الاختلاق؟ لقد أتينا نحن (بارك الله) بالروايات ونقضناها بالدليل - ضعيفاً أو قوياً - أم أستاذنا فقد حكم على رجل بغير دليل ولا بينة من التاريخ أو غيره) اهـ. وعلى رغم أن الدليل على المثبت لا النافي - كما لا يخفى على الأستاذ الأصولي - وأن على من يدعي على كافور الاختلاق وترويجه أن يقيم البينة، على رغم هذا نحيل الأستاذ على الذهبي الذي وصف دينه وتواضعه فقال:(وكان يداوم الجلوس غدوة وعشية لقضاء حوائج الناس، وكان يتهجد ويمرغ وجهه ساجداً ويقول: اللهم لا تسلط علي مخلوقاً)، و (كان يرسل كل ليلة عيد وقر بغل دراهم في صرر بأسماء من أرسلت إليهم من العلماء والزهاد والفقراء. .) ونحيله