بنوع خاص، لكنها خصصت أيضاً لتدريس فن الترجمة. أما في سوريا فقد عملت الرسالات الأوربية والأمريكية العديدة عملاً مجدياً في هذا السبيل، فأسست مدارس منوعة، وراح الأهلون ينسجون على منوالها في إنشاء دور العلم، فكانت مدرسة بطرس البستاني (١٨١٩ - ١٨٨٣) أولى المدارس الوطنية. وفي خلال القرن التاسع عشر أدخلت على تلك المدارس تعديلات عدة، فأصبح للبلاد العربية الآن مجموعة رائعة من المعاهد العلمية الكبرى التي أحدثت أثراً مباشراً أو غير مباشر في تقدم الأدب الحديث. وإنا نذكر منها الجامعة الأمريكية، وجامعة القديس يوسف ببيروت، والجامعة المصرية بالقاهرة. ثم انتعشت حركة البعثات العلمية فأكملت ما قامت به المدارس من الخدمات. وهناك وصف طريف لأولى البعثات التي أرسلها محمد علي الكبير، وهذا الوصف الشائق بقلم أحد المبعوثين، رفاعة بك الطهطاوي (١٨٠٠ - ١٨٧٣) الذي أصبح فيما بعد مترجماً مجتهداً، واحتل مكانته الأدبية كزعيم من زعماء الاتجاه الجديد. وقد اتخذت تلك البعثات صبغة منظمة ابتداء من مستهل القرن العشرين. ومن السهل استجلاء أهميتها في تكوين الثقافة العربية إذا اطلعنا على الرسائل التي قدمها شباب العلماء العرب في جل السنوات (خصوصاً إلى الجامعات الفرنسية). وفيما عدا الطباعة التي كانت معروفة في سوريا منذ فجر القرن الثامن عشر، دون أن يكون لها أثر كبير، فقد أدخلت الحملة الفرنسية إلى مصر عنصراً جديداً وهو الصحافة الدورية. لكن أثرها ظل في حيز ضيق إلى أن كانت سنة ١٨٢٨ حين أعاد تنظيمها محمد علي الكبير. وكان لها الفضل العميم في تقدم الأدب الحديث، إذ وجهت بعض الأنواع الأدبية وجهات جديدة كما ساعدت على ظهور أنواع أخرى. وكان الإقبال المتواصل على الترجمة مرتبطاً تمام الارتباط بالطباعة. واستهلت الحركة بترجمة الكتب العلمية ثم شرع في نقل الكتب الأدبية البحتة. وكما أن بعض الكتب القديمة كمؤلفات ابن المقفع والجاحظ كان من الصعب نقلها إلى اللغات الأخرى لولا مترجمو العصر العباسي، فإن الأدب العربي الحديث كان مستحيل النشوء لولا مترجمو القرن التاسع عشر. وللمرة الأولى في التاريخ أصبح الأدب القديم في متناول القراء بفضل الطباعة. وقد شرع في خلال العشرين أو الثلاثين سنة الأخيرة في دراسة هذا الأدب دراسة صحيحة مؤسسة على القواعد الحديثة. وقد قامت هذه الحركة على أساس أنه لا