للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

كان أهل الجنوب يستعملون لهجة يسميها المسلمون (الحميرية) التي عثر حديثاً على نموذج من خطوطها وفُسّر. وسنهب في الكلام حالاً عن هؤلاء السبئيين الذين أطلق عليهم هذا الاسم جغرافيو اليونان والرومان. وقد أخذ نجمهم في الأفول في القرون الأولى للمسيحية حتى تلاشوا نهائياً من صفحة التاريخ قبل سنة ٦٠٠م حينما أخذ جيرانهم أهل الشمال في الظهور والقوة.

وليس من شك في أن ما نشر بين علماء الأنساب المسلمين الفكرة القائلة بأن العرب يرجعون في أصلهم إلى رهطين منفصلين تسلسلاً من جدهم المشترك سام بن نوح هو الفارق الجنسي العظيم من الذكاء. أما فيما يختص بأهل الشمال فإن تسلسلهم من عدنان (من ذرية إسماعيل) أمر معترف به من الجميع. أما أهل الجنوب فيرجعون إلى قحطان الذي يزعم النسابون

كان أهل الجنوب يستعملون لهجة يسميها المسلمون (الحميرية) التي عثر حديثاً على نموذج من خطوطها وفُسّر. وسنهب في الكلام حالاً عن هؤلاء السبئيين الذين أطلق عليهم هذا الاسم جغرافيو اليونان والرومان. وقد أخذ نجمهم في الأفول في القرون الأولى للمسيحية حتى تلاشوا نهائياً من صفحة التاريخ قبل سنة ٦٠٠م حينما أخذ جيرانهم أهل الشمال في الظهور والقوة.

وليس من شك في أن ما نشر بين علماء الأنساب المسلمين الفكرة القائلة بأن العرب يرجعون في أصلهم إلى رهطين منفصلين تسلسلاً من جدهم المشترك سام بن نوح هو الفارق الجنسي العظيم من الذكاء. أما فيما يختص بأهل الشمال فإن تسلسلهم من عدنان (من ذرية إسماعيل) أمر معترف به من الجميع. أما أهل الجنوب فيرجعون إلى قحطان الذي يزعم النسابون أنه نفس يقطان بن عابر؛ وتحت اليقطانيين الذين هم الأصل القديم نجد مدرجاً مع السبئيين كثيراً من القبائل القوية كطيء وتنوخ وكندة وغيرها من التي استوطنت بلاد العرب الوسطى قبل ظهور الإسلام بوقت طويل، ولم يكن هناك ما يميزهم من البدو الذين يرجع أصلهم إلى إسماعيل. أما فيما يتعلق بعدنان فإن سلسلة نسبه لا تزال موضع جدال وحجاج وإن اتفق الجميع على أنه من ذرية إسماعيل بن إبراهيم من هاجر. وتذكر القصة أنه عند ميلاد إسماعيل أمر الله إبراهيم أن يرحل إلى مكة بزوجه هاجر وابنها ويتركهما هناك، فامتثل لأمره وتركهما، وجاءت رفقة من جرهم (وهم من ولد يقطان) فنزلوا شعاب مكة فنشأ إسماعيل مع أولاد الغرباء، وتعلم الرمي، ونطق بلسانهم ثم خطب إليهم فزوجوه امرأة منهم.

ولا جدال في أن هذه الأنساب خيالية إلى حد ما، إذ لم يكن علم النسب موجوداً في العصر السابق للإسلام، حتى لم يكن لدى المحققين المسلمين سوى أخبار طفيفة محيرة اعتمدوا عليها. أضف إلى هذا أنهم راعوا الظروف السياسية والدينية وغيرها، ومن ثم فإن دراستهم للقرآن والتاريخ الديني قادتهم لدراسة رءوس القبائل الذين يوضعون في المقدمة. أما سلسلة النسب التي تبدأ بعدنان فلسنا نستطيع قبولها كمسألة تاريخية خالصة، ولن أن أغلبها قد تراكم في ذاكرة العرب قبل ظهور الإسلام، يؤيد هذا شهادات شعراء الجاهلية؛ ومن ناحية أخرى أن نسبة كل قبيلة إلى جدها الأول تخالف الحقائق التي أثبتها البحاث

<<  <  ج:
ص:  >  >>