الأقسام التالية التي ألممت بها في هذا المكان حتى إذا ألقى القارئ عليها نظرة تبين من خلالها مجمل المظاهر السياسية المتعددة لهذا العهد المضطرب الدقيق الذي يقوم تجاهه؛ وهذه الأقسام هي:
أ - حياة محمد
حوالي مستهل القرن السابع المسيحي ظهر في مكة رجل من قريش هو محمد بن عبد الله بكتاب سماوي هو القرآن، دعا قومه لنبذ الأوثان ولعبادة (الله الواحد)، وقد ظل مثابراً عدة أعوام على الدعوة لدين الإسلام في مكة على رغم ما لاقاه من سخرية القوم منه واضطهادهم إياه، ولما وجد أن تقدم دعوته ضئيل هاجر عام ٦٢٢م إلى بلدة مجاورة تلك هي المدينة، ومنذ ذلك التاريخ كان النصر المؤزر حليفه، وفي خلال السنوات العشر التالية دانت بلاد العرب جميعها لديانته، ودعت بلسانها للإيمان الجديد
ب - خلافة الراشدين (٦٣٢ - ٦٦١)
بعد أن قبض الرسول (ص) تعاور حكم المسلمين بالتتابع أربعة من أعظم صحابته، هم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وسمي كل منهم خليفة، ويعرفون عادة بالخلفاء الراشدين، وفي ظلهم وبإرشادهم ثبتت دعائم الإسلام في شبه الجزيرة وخفق لواؤه بعيداً وراء الحدود، أما أعداؤه من البدو فقد استقروا كمستعمرين حربيين في السهول الخصبة من سورية وفارس، وسرعان ما وقعت الإمبراطورية الحديثة النشأة في حرب أهلية، وكان مقتل عثمان إيذاناً باشتعال النضال بين طلاب الخلافة المتنافسين، وتمسك علي - صهر الرسول - بلقبه، ولكن حاكم سورية القوي معاوية بن أبي سفيان أنكر خلافته ونافسه
ج - الدولة الأموية (٦٦١ - ٧٥٠)
لما سقط علي صريعاً بضربة خنجر اعتلى معاوية عرش الخلافة الذي ظل وفقاً على أسرته تسعين عاماً، وكان الفارق الوحيد في الأمويين أنهم كانوا عرباً قبل أن يكونوا مسلمين، وكان أثر الدين فيهم ضئيلاً، ولكن ظهر منهم بعض حكام أكفاء مهرة، جديرين بأن يكونوا قادة جنس آمرٍ. وقد بلغت الفتوح الإسلامية أقصى اتساعها عام ٧٣٢م، وكان للخليفة القائم في دمشق قواده فيما وراء أكسوس والبرانس وعلى شواطئ بحر قزوين