للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

النبطية التي عثر عليها في القبور. وقد أخطأت ثمود كما أخطأت عاد من قبل. وتشابهت النهايتان، فهزأت ثمود من نبيها صالح وأبت أن تطيعه أو يأتي بمعجزة خارقة، فأطلع لهم صالح من الصخر ناقة ضخمة وفصيلها، وأمر ثمود ألا تمس بسوء؛ بيد أن أحد الآثمة الأشرار واسمه (قدار الأحمر) عقرها وذبحها (فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دراهم جاثمين) وصارت العرب تقول لكل من باء بجرم كبير، وحظ أغبر (أنكد حظاً من عاقر الناقة أو أحمر ثمود) وينبغي أن نشير إلى أن ديودور الصقلي وبطليموس قد أشار إلى وجود آل ثمود، أما قوم عاد فلا نجد لهم أثراً يذكر في العصور التاريخية، على حين أن ثمود عاشوا حتى القرن الخامس الميلادي، وكان أباطرة الدولة البيزنطية يستخدمونهم كفرسان ثموديين في جيوشهم.

وبجانب عاد وثمود نرى العمالقة مدرجين بين أهل الفترة، وقد جاء في علم الآثار العربية الإسلامية ما ينبئ عن وجود عدة أقوام سلفوا في عصر بعيد، كالكنعانيين والفلسطينيين. وأنّا لنسمع أن مقر العمالقة كان في تهامة مكة، وفي بعض أنحاء أخرى من شبه الجزيرة. ويجب أن نشير أخيراً إلى قبيلتي طسم وجديس اللتين لم يدون عنهما شيء إلا حقيقة هلكهما، والدواعي التي أدت إلى ذلك. وإن القصص الخرافية التي أشارت إليهما لا تخلو من لذة بالنسبة لوجودهم في المجتمع العربي القديم.

أما تاريخ القحطانيين - أو عرب الجنوب - قبل الإسلام فهو تاريخ شعبين: السبأي والحميري اللذين خلفا زعماء الإمبراطورية العربية الجنوبية التي امتدت من البحر الأحمر حتى الخليج الفارسي. وسبأ (أو شبا كما هي في العهد القديم) تستعمل خطأ إذا قصد بها كل بلاد اليمن على حين لم تكن سوى إقليم منها وإن كانت بلا جدال أقوى شكيمة وأعظم أهمية من كل الممالك والأقاليم التي ورد ذكرها في كتابات الإغريق والرومان القدامى؛ ومهما بولغ في عظمتها وثراها فمن المحقق أن سبأ هذه كانت ذات مركز تجاري ممتاز قبل ظهور المسيح بعدة قرون. (ولقد قامت السفن منذ زمن بعيد تمخر عباب المياه بين مواني بلاد العرب الشرقية وبين الهند محملة بالبضائع، وكانت منتجات الأخيرة وخاصة الطيب والبخور والحيوانات النادرة (كالقردة والطواويس) تنقل إلى ساحل عمان؛ ومنذ القرن العاشر قبل الميلاد كانت لهم دراية بالخليج الفارسي حيث كانوا ييممون شطر مصر

<<  <  ج:
ص:  >  >>