وتكملة لشيء لا يكمل أبداً، هو هذه المعاني النسوية الجميلة التي يزيد الشيطان فيها من عشق كل عاشق. إن بطن المرأة يلد، ووجه المرأة يلد.
قلت: هذا إن كل وجهها كوجه صاحبتك، ولكن ما بال الدميمة؟
قال: لا هذا وجه عاقر. . .
قلت: ولكن الخطأ في فلسفتك هذه أنك تنظر إلى المرأة نظرة عملية تريد أن تعمل في تمنعها أن تعمل؛ فتأتي فلسفتك بعيدة من الفلسفة، وكأنك تغذو المعدة الجائعة برائحة الخبر فقط.
قال: نعم هذا خطأ، ولكنه الخطأ الذي يخرج الحقائق الخيالية من هذا الجمال؛ فإذا سخرت من الحقيقة المادية بأسلوب فبهذا الأسلوب عينه تثبت الحقيقة نفسها في شكل آخر قد يكون أجمل من شكلها الأول.
أتعلم كيف كانت نظرتي إلى نور القمر على هذه والى حسن هذه على القمر؟ إن القمر كان ينسيني بشربتها فأراها متممة له كأنه ينظر وجهه في مرآة، فهي خيال ووجهه؛ وكانت هي تنسيني مادية القمر فأراه لها كأنه خيال وجهها.
أتدري ما نظرة الحب؟ إن في هذا القلب الإنساني شرارة كهربائية متى انقدحت زادت في العين ألحاظاً كشافة وزادت في الحواس أضواءً مدركة، فينفذ العاشق بنظره وحواسه جميعا في حقائق الأشياء فتكون له على الناس زيادة في الرؤية وزيادة في الإدراك يعمل بها عملا فيما يراه وما يدركه. وبهذه الزيادة الجدية على النفس تكون للدنيا حالة جديدة في هذه النفس؛ ويأتي السرور جديدا ويأتي الحزن جديدا أيضاً. فألف قبلة يتناولها ألف عاشق من ألف حبيب؛ هي ألف نوع من اللذة ولو كانت كلها في صورة واحدة. ولو بكى ألف عاشق من هجر ألف معشوق لكان في كل دمع نوع من الحزن ليس في الآخر.
قلت: فنوع تصورك لهذه الراقصة التي تحبها، أن إبليس هنا في غير إبليسيته. . .
قال: هكذا هي عندي، وبهذا أسخر من الحقيقة الإبليسية.
قلت: أو تسخر الحقيقة الإبليسية منك وهو الأصح وعليه الفتوى. . .
فضحك طويلاً وقال: سأحدثك بغريبة. أنت تعرف أن هذه الغادة لا تظهر أبداً إلا في الحرير الأسود؛ وهي رقيقة البشرة ناصعة اللون فيكون لها من سواد الحرير بياض