ومنذ هذا اليوم أخذ يصوب نظره إليها في كل مرة يمر فيها من أمام منزلها، فكان ذلك سببا في سرورها وغبطتها. . .
والظاهر أن بريتولا لم تكتف بهذا الفوز الباهر بل أرادت أن تتقدم في سبيل حبها خطوة أخرى. فذهبت إلى القسيس وألقت بنفسها بين قدميه، وأخذت تبكي بكاء مرا. فدهش القسيس وسألها عن سبب بكائها! فأجابته بريتولا دون أن تكف عيناها عن البكاء.
- إنني أبك يا سيدي صديقك الملعون الذي شكوته إليك من قبل
فقطب القسيس ما بين حاجبيه وسألها قائلا:
- ألا يزال هذا الرجل يضايقك؟
فأجابته بريتولا وهي تبكي:
- نعم. فمنذ أن شكوته إليك وهو لا يفتأ يضايقني بنظراته الوقحة، ويؤلمني بابتساماته السخيفة. وليس هذا فقط. بل أنه بعد أن كان يمر من منزلي مرة واحدة أو مرتين في اليوم أصبح يمر الآن ما لا يقل عن سبع مرات!!
وبعد أن نهنهت دموعها الجارية تابعت حديثها فقالت:
- وليت الأمر قد انتهى عند هذا الحد، فبالأمس أرسل إلى من قبله عجوزا لا أعرفها. وبعد أن عرفتها بنفسي أعطتني حقيبة جلدية نفيسة ومنديلا حريرا غالي الثمن، وقالت لي وهي تبتسم ابتسامة ذات معنى إنها مهداتان إليَّ من تنكريد! ولا أكتمك يا سيدي أنني غضبت لذلك غضبا شديدا وكنت على وشك أن أطردها هي وهدية تنكريد خارج منزلي، لولا أنني خشيت أن تحتفظ بالحقيبة والمنديل لنفسها دون أن تخبره برفض هديته! ففضلت ان آخذهما منها! وقد رأيت من الواجب أن أحضر معي هذه الهدية لكي تردها إليه وتخبره بأنني لست في حاجة إلى شيء منه. وأرجو أخيرا أن تحذر صديقك هذا بأنه إذا لم يكف عن مضايقتي، فأنني سأضطر حتما إلى إخبار زوجي أو أخوتي بكل شيء مهما كانت النتائج التي تترتب على ذلك قالت ذلك وقدمت الحقيبة والمنديل للقسيس وهي تتظاهر بالحزن والغضب لإهانة تنكريد إياها!!
وظن القسيس لسذاجته وسلامة صدره أن ما قالته بريتولا قد حدث بالفعل، فغضب لذلك غضبا شديدا، وقال لها بعد أن فكر برهة: