إنني لا أستغرب يا سيدتي شدة حزنك لهذا الأمر، ولست ألومك بالطبع على شيء مما حدث. بل إنني على العكس أشكرك على اتباعك نصيحتي، وعملك بمشورتي. ومع أنني لمت تنكريد عندما زارني لأول مرة، فانه على ما يظهر لم يرعو عن غيه، ولم يرتدع عن ضلاله، ولهذا عولت على أن أوبخه توبيخا شديدا على هذا السلوك المعيب. وأرجو يا سيدتي ألا تنقادي لعاطفتك فتخبري زوجك أو أخوتك بهذا الأمر، فان نتائجه السيئة لا تخفى بالطبع على سيدة عاقلة مثلك، بل اتركي كل شيء وأنا أتصرف فيه بعقلي وحكمتي.
وما كادت بريتولا تبرح الكنيسة حتى أرسل القسيس في طلب صديقه تنكريد مرة أخرى. فلما جاء قابله بوجه عابس وجبين مقطب. واستنتج تنكريد من ذلك أنه لابد وأن تحادث مع بريتولا فانتظر بفارغ صبر ما سيقوله له. ولم يطل انتظاره طويلا إذ انهال عليه القسيس بوابل من الشتائم واللعنات بعد أن أعاد على مسامعه كل ما ذكرته بريتولا له.
وبالرغم من أن تنكريد أنكر بشدة إرساله الحقيبة والمنديل إلى بريتولا، إلا أن القسيس لم يصدق قوله، بل اشتدت حدته وازداد غضبه عن ذي قبل ثم قال:
- كيف تنكر ذلك أيها الشرير المنافق مع وجود دليل المادي على ارتكاب فعلتك؟
ثم نهض من مقعده، وأحضر الحقيبة والمنديل وناولهما إياه ثم قال:
- أليس في هذا الكفاية؟ فشعر تنكريد - مع براءته - بالخجل لوجود ذلك الدليل القاطع ولما لم يجد بدا من الاعتراف بهذه التهمة المنسوبة إليه قال:
- نعم. لقد أرسلت إلى بريتولا هذه الهدية لأنني كنت أحبها كغيرها من النساء، ولكني بعد أن تأكدت الآن أنها تختلف عنهن كل الاختلاف، فإني أعدك بشرفي ألا أرتكب ما يسيء سمعتها أو يجرح شعورها. وثق يا سيدي أنك لن تسمع منها بعد اليوم شكوى
ولم ينس تنكريد أن يأخذ معه الحقيبة والمنديل قبل أن يغادر الكنيسة بعد أن اقتنع تماما من أن بريتولا تحبه حبا جما، وتهيم به هياما شديدا، وأنها ما فعلت ذلك إلا بدافع هذا الحب والهيام. . .
وقصد تنكريد من فوره إلى منزل بريتولا حيث كانت لحسن الحظ في انتظاره كالمعتاد، وما كاد صاحبنا يلمحها من بعيد حتى أخرج من تحت إبطه الحقيبة والمنديل وأراهما إياها. فسرت بريتولا سرورا شديدا لأنها عرفت حينئذ أن خطتها المرسومة سائرة في طريق