استعرناه منهم، وحيث أننا لم نوفق في استعارتنا فهم لا يحجمون عن الحكم على الجزء العربي منه بأنه رديء.
وهذا ما يدفعني إلى سرد أمثلة من خطواتك المحيرة غير الموفقة:(فبحارة الفلجا) أغنية روسية واقعية تعبر عن العذاب العقلي والجثماني الذي كان يعانيه سكان قلب روسيا، وقد أخذتها أنت بنفسك في فلم (الوردة البيضاء) وهو فلم شعري خالص: فالشقة بينهما بعيدة بعداً شاسعاً.
و (يا شراعاً) وهي قصيدة مقدمة إلى الملك فيصل عبارة عن نشيد يراد به مدح بلاد الرافدين، فهل يصح أن نقبل هذه النغمات التي تحرك العاطفة بدون شك، ولكنها خالية من الحمية والملاطفة التي يجب أن تكون عند مَن يريد أن يمدح ملكاً محبوباً يعجب به؟ ففي هذا النشيد نبحث عبثاً عن الحمية التي نراها في نشيد لمير بيير الذي فيه يعبر عن الكثير من العظمة والنبل.
وعندما ننعم النظر في مقطوعاتك الأخيرة نلاحظ في حسرة شديدة بأن (الحركة) قد زادت فيها كثيراً بحيث أن الأذن تتساءل في حيرة عما إذا كنت حقيقة الذي ملأت اسطوانة (أيها العلم الخفاق) رقم ٩٩. ١٠٤.
فهل يجب علينا إذن ألا نستوحي شيئاً عن الموسيقى الغربية؟
لا بكل تأكيد. وليكن ذلك لمجرد الإطلاع فقط. فمن الضروري أن ندرس هوجو ولامرتين وشكسبير ورابندانا تاجور وإبسن وكبلنج وتولستوي وسرفنتس لكي نفهم الآداب العالمية، وهذه الدراسة ليست أقل لزوماً من إرسال أبنائنا إلى الخارج لتمضية بعض الوقت في (مدرسة الفنادق في جرينوبل) أو في معامل الاختبار للمراكز الصناعية في (بربي) و (برمنجهام) وفي الأحواض البحرية في (نانت) و (كيل).
ولكيي أعزز رأيي هذا أذكر الحقيقة التاريخية الآتية: عندما انتصر هارون الرشيد على الإمبراطورية نيقفور البيزنطي عام ٨٠٦ ميلادية نص في معاهدة الصلح بينهما على شرط يلزم المغلوبين بتسليم العرب جميع المؤلفات التي خلفها القدماء والمحفوظات الموجودة في دور الكتب بالقسطنطينية القديمة. وقد برهن العاهل العربي مرة أخرى على ذكائه الفائق وفهمه للحقائق، فقدر أن شعبه يجب أن يتفهم ويستوعب سريعاً كل المعارف التي وقف