للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يجذب السائح؛ ولكن الظاهر أن سويسرا تعول قبل كل شيء على السياحة الغالية أو السياحة المترفة؛ ولما كانت السياحة مورداً قومياً أساسياً في سويسرا، فالظاهر أنها تعمل كل ما وسعت لاستغلاله في جميع نواحيه. وحالة الرخاء المستمر التي تتمتع بها سويسرا تساعد في ارتفاع معيار العيش، وتحمل الشعب السويسري على طلب المزيد من ثمار هذا الاستغلال؛ ولكن الظاهر أن سويسرا شعرت أخيراً كما شعرت فرنسا أن هذا المورد قد أصابه النقص وأن دولاً أخرى مثل ألمانيا وإيطاليا والمجر قد أخذت تجذب أنظار السياح وتستغل مورد السياحة بما قدمته من تسهيلات في النقد والسكك الحديد، وأن الخروج عن معيار الذهب في مسالة النقد وسيلة لاستدراك هذا النقص. وقد خرجت سويسرا فعلاً كما خرجت فرنسا عن معيار الذهب، وخفضت قيمة الفرنك السويسري نحو ٣٠ ? بحيث أصبح الجنيه الإنكليزي يعادل ٢١ فرنكا؛ وربما كان في ذلك تخفيف على السائح وتخفيض معقول في مستوى المعيشة، ولكن ذلك يتوقف دائماً على المحافظة على مستوى الأثمان القائم، فإذا ارتفعت الأثمان تبعاً لنزول النقد، فأن السائح لا يستفيد شيئاً ويبقى الغلاء المرهق حيث هو.

ولنعد الآن إلى بازل؛ فهي مدينة أنيقة سكانها نحو مائة وخمسين ألفا، وتتمتع بموقع بديع على منعطف نهر الراين، والراين يخترق بازل، ولكنه يبدو متواضعاً هادئاً كأنه نهير صغير؛ وفي ظاهر بازل من الغرب تجتمع حدود أمم ثلاثة ترى على قيد البصر سويسرا وألمانيا وفرنسا؛ وفي بازل أقدم الجامعات السويسرية يرجع إنشاؤها إلى نحو خمسمائة عام، وبها مكتبة كبيرة تضم نحو نصف مليون مجلد، وعدة كنائس قديمة أشهرها وأفخمها كنيسة سانت مارتن. وشوارع بازل وطرقها حسنة التخطيط، ومبانيها منسقة متوسطة الارتفاع؛ وأهم ميادينها ميدان المحطة ' وعليه يشرف معظم الفنادق الكبيرة، ومنه يتفرع بحذاء المحطة أهم شوارعها، وهو (الشارع الحر) وهو الممتد في وسطها حتى النهر؛ ولبازل ضواح بديعة يمتد إليها خط ترام خاص من المدينة، يمر خلال مجموعة ساحرة من الوديان النضرة والقرى النظيفة الساحرة؛ ولقد ذهبنا ذات صباح نجوس خلال هذه المناظر الممتعة، وقصدنا إلى قرية دورناخ حيث يقوم معهد (الجتيانوم) فوق أكمة عالية تصل إليها من طرق صاعدة تقوم على ضفافها المنازل والحدائق الأنيقة؛ ولما وصلنا إلى

<<  <  ج:
ص:  >  >>