وفي عام ١٨٨٨ كلف الدكتور سلمون رجاله الثلاثة أن يتوفروا على بحث الحمى التكساسية، فوضع اسميث في القيادة يعاونه كلبورن، ثم اسكندر ينظف من ورائهما. وطلب إليهم (أن يكتشفوا الجرثومة)، ولم يذكر لهم شيئاً عن القراد. ولم يأتهم في هذا العام من البقر غير أربع من الأكبدة ومثلها من الأطحلة، جاءتهم في الثلج في جرادل من فرجينيا وماريلاند إلى غرفتهم في ذروة البناء وهي كالفرن في حرارتها.
وكان لدى اسميث حس لم يكن لدى سائر البحاث، فحرر مكرسكوبه على قطع من الطحال الأول فرأى فيه مكروبات كثيرة عديدة الأنواع. واقترب بأنفه منها فتجعد من سوء ما أحس من رائحتها. فقد كانت فاسدة.
عندئذ قام يرسل الرسائل فوراً إلى البقارين أن ينتزعوا أحشاء البقر عقب موته بلا تريث، وأن يرسلوها إليه في الثلج، وأن يعملوا على تقصير ما تستغرق من الوقت في سفرها. وأنفذوا ما أراد. ونظر في الأطحلة لما جاءته فلم يجد بها مكروبة واحدة، ولكنه وجد بها عدداً كبيراً من خلال الدم الحمراء قد انفقع لغير سبب ظاهر، قال:(إن هذه الخلايا انفقعت فتحطمت بفعل فاعل)، ولكنه لم يجد مكروباً، وكان لا يزال حدثاً، وكانت به سخرية الشباب، وكانت به قلة اصطبار واحتمال للبحاث الذين لا يقدرون على التفكير العميق والتركز الشديد.
وكان رجل يدعى بيليجنس ادعى في سخافة أنه رأى بشلة عادية في كل جزء من جثة كل بقرة فحصها، وفي كل ركن من أركان الزريبة، حتى في أكوام روثها، ونسب إلى هذه البشلة حمى تكساس، ونشر عن ذلك مقالاً قال يفتخر فيه:(إن شمس البحوث الأصيلة في الأدواء تحول مطلعها من الشرق إلى الغرب).
قرأ إسميث هذا المقال فقال:(تلك لعمري طنطنة الفخور الغالي). وعقب على هذا ببضع جمل قصيرات قاسيات نال بها شر منال من هذا العبث الذي يدعى علماً. واستيقن أن لا فائدة من الجلوس في معمل مهما كثرت خنازيره الغينية، وترصصت زاهيةً بارقةً محاقنه، ما دام أن البحث لا يصنع فيها إلا التحديق في أكبدة وأطحلة من جثث بقر نالها الفساد إن قليلاً وإن كثيراً، وأراد أن يسلك السبيل السوي، سبيل التجريب الصادق؛ أراد أن يدرس