فقالت وهي تمكر مكراً أشد وأحلى: إذن لا يعجبك كلامي
قلت: كلا كلا. . . وهل يخرج مثل هذا الفم إلا ما يُحب؟ إن النار التي في كلامك نار لذيذة كنار الحب في قلب المحب.
لقد قلتِ إن الشاعر والمغنية كلاهما تمام الآخر، فهل بعد هذا من سحر على لسان؟ وهل بعد هذا من نار محبوبة في كلام؟.
إنك توقدين رأسي بهذه النار من هذا السحر في هذا المعنى. . .
إنك لو اطلعت الآن على أحشائي لعلمت أن الحسن يجني ولا يشفق في جنايته.
فخفرت وكسرت في عينيها لمحة وتهدل شعرها على وجهها ليستر روعة الخفر، ثم فتحت بيديها بين نوائبها منفذاً لقولها
وقالت: هذا كلام شيطانك
قلت: بل هذا كلام قلبي. . .
فرفعت بقية شعرها عن وجهها بيديها ورشقتني بنظرة داوية سمعت لها رعداً في صدري وقالت: أنت إذن. .
ووقف لسانها ببقية الكلمة، وقالت لي عينيها بنظرة أخرى حنون: أتممها. .
فقلت: أنا إذن. . أحب. .
فأطرقت فخبّأت وجهها يبن شعرها ثم هزت رأسها تنفض الشعر فرأيت وجهاً جديداً مشرقاً في معنى الحب.
يا عجباً!! يا عجبا! إن كلمة الحب تسمعها غادة جميلة من محب هائم تجعل في محياها المشرق قسمات جديدة.
ونضح الحياء على جبينها قطرات كأنها قطرات الندى على أوراق وردة بيضاء، فمسحتها بمنديلها وشخصت إلي فقلت: وجهك الآن مؤمن. . .
قالت: وهل كان من قبل كافراً؟ وكيف يكون إيمان الوجوه وكفرها؟
قلت: الوجوه تؤمن وتكفر إيمان القلوب وكفرها! وقد رأيت وجهك الآن مؤمناً إيمان قلبك. . لكأنه كان يقول لي: إني شاعر بك وشاعر بما بك، لأني أفهم حبك فهو وحي جمالي إليك، وأعذر قلبك لأنه صيد عيني منك. . .