وبدأ الصعود والطريق في هذا الجبل أوسع وأرحب والتواؤه أقل حدة، فأطلقنا للسيارتين العنان، ولم تمنع السرعة زوجتي أن تتكلم فقالت:(إني أشعر أننا لن نجد زينب) تعني الصديقة التي دعتنا إلى الغداء. ففزعت وكادت عجلة القيادة تضطرب في يدي وقلت لها بصوت تشي لهجته بالقلق:(لماذا؟)
فلم تجب بل سألتني:(ماذا قلت لها بالتليفون. . بالضبط؟)
قلت:(قلنا كلاماً كثيراً. . وألححت عليها أن تجيء لتتغدى معنا في بكفيا ولكنها أصرت إصراراً شديداً على أن نذهب إلى الشاغور. . وأذكر تماماً وبغاية الوضوح أنها وصفت لي عين الماء التي هناك)
فأشارت إلي بكفها أن اسكت وقالت:(ماذا قلت لها بالضبط. هذا ما أريد أن أعرفه فلا تغرقه في طوفان من الوصف الذي لا يفيد شيئاً. . . وإذا كنت تريد أن تصف الشاغور فانتظر حتى تراه)
قلت:(ماذا قلت بالضبط. .؟ ياله من سؤال. . اتفقنا على اليوم. . وأؤكد لك أني لم اترك عندها أي شك فيه. . صرخت حتى بح صوتي. . قلته بالعربية. . وقلته بالفرنسية
فصاحت زوجتي
قالت: (بأعلى من هذا الصوت)
قالت:(هل قلت. هذا معناه السبت لا الأحد)
فتداركت الخطأ وقلت وأنا مضطرب (لا لا لا لا بل قلت
وجرى ببالي أني لا أزال أغلط في أسماء الأيام باللغة الفرنسية ولكني كافحت هذا الخاطر حتى نفيته وطردته وقلت لها: (وهبيني أخطأت فقد قلت لها بالإنجليزية ولا يمكن أن أغلط في هذا)
قالت:(سنرى)
فقلت وأنا محنق:(سنرى. . ألا يمكن أن أتكلم بالتليفون من غير أن تتهميني بالتخليط. . . هل هذا التليفون معجز. .؟ سبحان الله العظيم!)
قالت:(طيب اسكت بقى)
فسكت. ووصلنا الشاغور ودخلنا الفندق وسألنا عن السيدة وزوجها فقيل لنا إنها خرجت