لو أنك أنعمت النظر في هذا الإنسان، لما تجلّى لك إلا مجموعة علل تتطلع بالعقل إلى العالم الخارجي مفتشة عن غنيمة تظفر بها
ليس هذا الإنسان إلا كتلة أفاع اشتبكت وهي في تدافع مستمر لا تستكن إلا لتتفكك منسابة في شعاب الدنيا تسعى وراء غنائمها
انظروا إلى هذا الجسم المسكين! إن روحه الضعيفة طمحت إلى استكناه ما في الجسم من ألم ورغبات، فخيّل لها أنها متشوقة إلى القتل
إن من يتسلط عليه هذا المرض في هذه الأيام لتباغته شرورها فيريد أن يعذب الآخرين بما يتعذب هو به؛ غير أنه قد مرّ زمان من قبل كان له خير وشر، هما غير خير هذه الأيام وشرها. ذلك زمان كانت تحتسب فيه شكوك الإنسان ومطامعه جرائم عليه، فكان المبتلى بالشكوك والمطامع يعدّ ساخراً ومنشقاً عن المجتمع فيعمد هو إلى تعذيب الآخرين بعذابه
إنكم لا تريدون الإصغاء إلى أقوالي إذ ترونها تلحق الضرر بالصالحين بينكم، ولكنني لا أقيم وزناً لرجالكم الصالحين
إن في هؤلاء الرجال من تشمئز منه نفسي؛ وليس ما أكره فيهم ما يُعدّ من الشرور، فإنني أتمنى لهم جنوناً يوردهم الردى كجنون المجرم الشاحب
والحق أنني أريد أن يدعى هذا الجنون حقيقة أو إخلاصاً أو عدلاً، لأن فضيلة هؤلاء الناس لا تقوم إلا على إطالة عمرهم لقضائه بالملذّات السافلة ولا ملذّة لهم إلا بالارتياح إلى نفوسهم والرضى عنها
ما أنا إلا حاجز قائم على ضفة النهر، فمن له قدرة على التمسك بي فليفعل، ومن لا طاقة له على ذلك فلا يظن أني سأكون في يده يقبض علي كما يقبض الكسيح على عصاه
هكذا تكلم زارا. . .
القراءة والكتابة
إنني أستعرض جميع ما كُتب، فلا تميل نفسي إلا إلى ما كتبه الإنسان بقطرات دمه. اكتب بدمك فتعلم حينئذ أن الدم روح، وليس بالسهل أن يفهم الإنسان دماً غريباً. إنني أبغض كلّ قارئ كسول لأن من يقرأ لا يخدم القراءة بشيء، وإذا مرّ قرن آخر على طغمة القارئين