تصرف، وأجراما تكتسب الحرارة والضوء ولا تشع؟ أي اتصال يمكن أن يقوم بين كائنات خلقت على غير أسلوب واحد؟ لا اتصال، وحيث لا اتصال لا بناء. لا خلق ولا بناء. أي اتصال بيني وبين أخي وابني لو أن الخالق صنعني من عناصر غير عناصرهما فجعلني من يابس ورطب وجعلهما من نور ونار وغاز وبخار؟ أي ارتباط لو انه جعل كل مخلوق منفردا بمادته وهيئته وعناصره عن كل مخلوق. وأي هرم يمكن أن يشيد بأحجار، أحدها من صخر، وآخر من عجين، والثالث من ورق، والرابع من طين؟ لا ارتباط من غير تشابه وتماثل. ولا تضامن بين أجزاء غير متجانسة في التركيب. إن كل ما نحس بوجوده يتحد معنا في بعض العناصر. بغير هذا ما كنا نعترف له بوجود. إنا نعرف الأجرام لأن أجسامنا تعرف الحرارة والضوء والحديد. التشابه شرط الأخذ والعطاء. الاختلاف كذلك شرط آخر. هل يقوم آخذ وعطاء إلا بين كائنات مختلفة؟ ما الحال لو أن الخالق صنع كل شئ ككل شئ، فجعل كل رجل ككل رجل، وكل جرم ككل جرم؟ طبع واحد، ومنظر واحد، وحجم واحد. أليس هذا التشابه المطلق ينفي الشخصية؟ وحيث لا شخصية فلا أخذ ولا عطاء، ولا تماسك ولا اتصال، وهل من صلة بيني وبين غيري إلا الاختلاف شخصه عن شخص وما عنده عما عندي؟ وهل رابطة الأجرام إلا اختلافها في الأحجام؟ الجاذبية، الحب، هل علتهما اختلاف النسب في القوى والأشكال؟ أن مثل هذا الكون المتماثل لا يمكن كذلك أن يشيد أو يوجد. مثله مثل قصة تمثيلية أشخاصهم لهم عين الاسم والجسم والطبع والحظ، يتكلمون عين الكلام، ويتحركون عين الحركات، ويتصرفون عين التصرفات! أي علاقة يمكن أن تنشأ بين هذه المخلوقات؟ وهل يشعر أحدهم بوجود الآخر؟ وهل يدرك أحد منهم معنى كلمة (أنا)؟ لا بد من بعض الاختلاف بين الكائنات حتى يتميز كل كائن من الآخر. ومتى تميزت الأشخاص والأشياء والأجزاء نشأ بينها الأخذ والعطاء، سر تماسك في كل بناء. . . ها هنا إذن قوام التناسق:(التشابه لا كل التشابه، الاختلاف لا كل الاختلاف!) بيتهوفن الذي كشف لي منذ ست سنوات عن سر التأليف بين صوتين في عين الوقت. لاحظت انه يجمع بين صوتين متشابهين لا كل التشابه مختلفين لا كل الاختلاف. وأدركت انه لا تناسق بغير هذا. فلو انه جعل الصوتين متشابهين كل التشابه لفنى أحدهما في الآخر. وما يميزنا شيئاً غير صوت واحد. ولو انه جعلهما مختلفين كل