لا خطر على الرجل الكريم من أن ينقلب رجل صلاح، بل كل الخطر عليه في أن يصبح وقحاً هدّاما
لقد عرفت من الناس كراما دلّت طلائعهم على أنهم سيبلغون أسمى الأماني، فما لبثوا حتى هزأوا بكل أمنية سامية، فعاشوا تسير الوقاحة أمامهم، وتموت رغباتهم قبل أن تظهر، فما أعلنوا في صبيحتهم خطة إلا شهدوا فشلها في المساء
قال هؤلاء الناس: ما الفكرة إلا شهوة كغيرها من الشهوات
وهكذا طوت الفكرة فيهم جناحيها فتحطما، وبقيت الفكرة تزحف زحفا وتدنس جميع ما تتصل به
لقد فكر هؤلاء الناس من قبل أن يصيروا أبطالاً، فما تسّنى لهم إلا أن يصبحوا متنعمين، يحزنهم شبح البطولة ويلقى الخوف في روعهم
أستحلفك بحبي لك وأملي فيك ألاّ تدفع عنك البطل الكامن في نفسك إذ عليك أن تحقق أسمى أمانيك
هكذا تكلم زارا. . .
المنذرون بالموت:
ما أكثر المنذرين بالموت! والعالم ملئٌ بمن تجب دعوتهم إلى الإعراض عن الحياة
إن الأرض مكتظة بالدخلاء وقد أفسدوا الحياة، فما أجدرهم بأن تستهويهم الحياة الأبدية ليخرجوا من هذه الدنيا
لقد وُصف المنذرون بالموت بالرجال الصفر والسود، ولسوف أصفهم أنا فينكشفون عن ألوان أخرى أيضاً
إنهم لأشد الناس خطراً، إذ كمن الحيوان المفترس فيهم، فغدوا ولا خيار لهم إلا بين حالتين، حالة التحرق بالشهوة وحالة كبتها بالتعذيب. وما شهوتهم إلا التعذيب بعينه. إن هؤلاء المسوخ لم يبلغوا مرتبة الإنسانية بعد، فليبشروا بكره الحياة، وليقلعوا عن مرابعها
هؤلاء هم المصابون بسلّ الروح، فانهم لا يكادون يولدون للحياة حتى يبدأ موتهم، وقد شافتهم مبادئ الزهد والملال
يود هؤلاء الناس أن يُدرَجوا في عداد الأموات، فعلينا أن نحبّذ إرادتهم ولنحترس من أن