وفي تلك الفترة استطاعت اليابان أن تنتزع منشوريا وجيهول وبعض الأقاليم الأخرى من الصين، وان تمهد تمهيدا قويا لسياستها الاستعمارية في الصين؛ وهنا حدث تطور واضح في سير الحركة الوطنية، فقد رأى كثير من الزعماء والمستنيرين أن استمرار الحرب الأهلية على هذا النحو يقوي نفوذ اليابان ويفتح أمامها أبواب الصين، وانه من الحكمة والضرورة أن تتضافر القوى المشتتة لمقاومة الاعتداء الأجنبي؛ ولوحظ أيضا أن الماريشال تشانج كايتشك رئيس الحكومة الوطنية يتبع إزاء الغزو الياباني سياسة الضعف والتسليم، وانه لم ينفك عن التصريح بأنه يريد التفاهم والاتفاق مع اليابان، ولكن على أي الأسس؟ إن اليابان تسير مسرعة في تنفيذ برنامجها الاستعماري، ومازالت تنتهز كل فرصة للتوغل في قلب الصين واحتلال أراضيها. ويرد زعماء (الكومن تانج) على ذلك بأن الحكومة الوطنية مرغمة على اتخاذ هذا الموقف، وأن الصين لا تستطيع في ظروفها الحاضرة أن تقف أمام الغزو الياباني، وأنه يحسن التفاهم مع العدو المغير حتى تقوى الصين نفسها وتستطيع أن تقاوم الاعتداء بصورة فعلية؛ وقد اضطر تشانج كايتشك نفسه أمام هذا التيار الجديد أن يؤكد في تصريحاته الرسمية أمام مؤتمر اللجنة التنفيذية للحزب الوطني (الكومن تانج) في الصيف الماضي أن الحكومة المركزية لن تتنازل قط عن التمسك بوحدة الصين وسلامة أراضيها ولن تعقد أي معاهدة تخالف هذا المبدأ، ولن تنزل عند أي رغبة أو وعيد بإرغامها على إقرار الحالة في منشوكيو (منشوريا) أو أية حالة أخرى من حالات الاعتداء على الأراضي الصينية
وقد رأى الماريشال تشانج هسويه ليانج أن ينتهز فرصة هذا التطور لينزل إلى الميدان، والظاهر انه يريد أن يحاول استغلال الشعور القومي الذي آثاره اعتداء اليابان المتكرر على الصين، وأن يجعل من مطالبته حكومة يانكين لان تعلن الحرب على اليابان شعاراً قوميا يلتف حوله المعارضون لسياسة الحكومة الوطنية. بيد أن تشانج هسويه ليانج شخصية ثانوية في الواقع، وهو لا يشغل بين زعماء الصين أو قادتها مركزاً خطيراً يمكنه من تزعم مثل هذه الحركة الخطيرة؛ ومن جهة أخرى فان الأساليب التي لجأ إليها في اعتقال رئيس الحكومة وقائد الجيش الأعلى ومعاونيه، ليست مما يشهد له بالفطنة والكياسة، وليست مما يعاون على التمهيد للحسم لمشاريعه. وتقدر قوات الزعيم الثائر بنحو