بالجمع بينهما؟؟. . فإذا كنت لم أحسن التعبير فليكن عذري أنني أحسنت القصد
ولكنها غضبت وطال منها الغضب، وتراءت لي كأنها تجادل قلبها في صوابه لترده إلى صوابها، ثم كأنها انتصرت وأمسكت قلبها بالحجة؛. . ثم تبسمت فتهكمت ثم قالت: يخيل إلى انك خلقت وفي قلبك أذن مرهفة للغناء فعشت لتهوى المغنيات، وتجعل من كل منهن قصة حب، وتفيد من كل منهن تجربة حب، وتحسب كلا منهن إنها نهاية فلا تلبث حتى تراها بداية؛ وجاء دوري عندك. . . ولكن أي حب؟!
قلت: حب الشاعر الجاعل روحه نسمة في جوك، الباذل لك من قلبه كل البذل
وقالت: كفى أن تقول حب الشاعر ليفهم سامعك أنه حب أيام أو أسابيع أو شهور، وأنه كالزهرة لا تكاد تينع حتى تجتني
قلت: لقد عكست الوضع يا آنستي؛ فحب الشاعر غير حب الناس، لا يكون له آخر كما يكون له أول؛ وإنما هو الحب الذي يبدأ ليظل حيث يبدأ فيرتبط بأجل الشاعر ما طال أجله ثم يبقى بعده ما بقى ذكره. . . أفلا تعلمين أن الشعراء هم اشد أهل الوفاء تمسكا بالوفاء، وأكثر أهل الحب صدقاً في الحب؟. .
قالت: هذا من وهم الشعر والشعراء
قلت: أفلا تعرفين أنهم يشقون ليسعدوا غيرهم؟. .
قالت: وهذا من أكاذيب الشعر والشعراء
قلت: أفلا تعتقدين أنهم مخلدون؟. .
قالت: وهذا من أحلام الشعر والشعراء
قلت: إذن فماذا تقولين فيهم؟
قالت: أقول إنهم شواذ الناس، أما خلالهم فهي الخير والشر، كلاهما يشق طريقه في جوف الأخر، وأما كلامهم فأجمل ما فيه أكذب ما فيه، وأما حياتهم فما منها غير تناقضها واضطرابها، وليس لها أن تركن إلى حال مهما تكن الحال. . .
قلت: وحبهم إذا كان من قلوبهم؟
قالت: أليس الشاعر كالطائر لا يطيب له عيشه إلا في تنقله بين الأفنان والادواح؟ ثم أليس من طبيعة الشاعر أنه طماح لا تقنع نفسه إلا بسعيه وراء الجديد حيث يكون؟ فهل مع هذا