وكتب ريد إلى كارول يقول:(كف عن قتل الناس فقد غلونا فيه)، ولكن أين الكف من كارول، فلابد له من الحصول على بعوض وبئ، وحصل عليه ببعض طرائقه الجريئة الشيطانية، وانتزع الرحمة من قلبه وقام بأخيرة تجاربه
وقال في صدد ما جرى:(لقد عضني البعوض ومرضت، وكنت انتظر الخاتمة تأتي في بحر سبعة أيام. ولكنها لم تأت، فاقتنعت كل الاقتناع بان قوة الإصابة تتوقف على قابلية المصاب اكثر منها على عدد القرصات. ففي التاسع من أكتوبر علم ١٩٠١ جمعت كل البعوض الوبيء الذي عندي، وكانت ثمان منها أتاها الوباء قبل ذلك بثمانية عشر يوما، وسلطتها عامدا على رجل غير حصين، فكانت الإصابة التي جاءته إصابة معتدلة). وختم مقاله ختام الفاخر المنتصر. ولك ماذا كان الحال لو أن هذا المريض مات، والله يعلم أن احتمال هذا كان كبيرا؟
هذه قصة هذه العصابة العجيبة، غريبة ما وسعت الغرابة. وإني لأعود بالذكر إلى الذي كان من هذا الباحث كارول، وأتصوره وقد عرت من الشعر رأسه، واحتجبت عيناه وراء منظاره، ثم اذكر انه كان حطابا قبل أن يكون بحاثا، ثم اذكر ما كان من جرأته الخارقة وقلة مبالاته بالعاقبة في أمر نفسه، فلا أتمالك أن ارفع قبعتي احتراما وإعجابا به بالرغم من اغرامه الشديد وإلحاحه في أن يتجسس عن أسرار الطبيعة في اخطر مخابئها. إن كارول كان أول رجل أصيب في هذا السبيل، وهو الذي سن السنة الأولى فاقتدى به الجنود الأمريكيون، وقفى على آثره الكاتب الملكي، وتشجع به المهاجرون الأسبانيون رقم ١، ٢، ٣، ٤، ٥، وحذا على حذوه البقية الباقية من هذا النفر الكريم الذي عرفنا أعمالهم وجهلنا أسماءهم - كل هذا في سبيل العلم وسبيل الإنسانية! ولعلك تذكر انه لما أصيب وقف قلبه أو كاد في سبيل العلم وفي سبيل الإنسانية. فهذا القلب الذي وقف أو كاد في عام ١٩٠٠، ثم تشبث بعد ذلك بالحياة، عاد في عام ١٩٠٧ فوقف وقفة لا حركة من بعدها. . .
- ٧ -
وقبل ذلك بخمسة أعوام، أي في عام ١٩٠٢، مات ريد وهو في عنفوان شبابه، وكان متعباً اشد التعب برغم صباه. مات وهتاف الأمم له يزداد اصطخابا. وهل تدري بأي علة مات؟ بالزائدة الدودية. ومات فقيرا. تمتم لصديقه كين وهو على سرير العمليات قبيل أن يهبط