كان فرض (بطليموس) صحيحا فان كوكب (الزهرة) لا يرى أقل من نصف دائرة ضوئية. ومن الناحية الأخرى إذا دار هذا الكوكب حول الشمس وجب أن نرى له أوجها كأوجه القمر. وقد مكننا التلسكوب الذي استكشف في سنة ١٦٠٩ من توجيه سؤالنا إلى الطبيعة لتفصل بين الفرضين. وبمجرد أن رأى (جاليلو) كوكب الزهرة يظهر على شكل قوس دقيق تأكد أن فرض بطليموس لا يستقيم
ولم يثبت هذا بالطبع فرض (كوبرنيكس) ولكن تجمعت حقائق جديدة على جانب كبير من الدقة جعلت الشك يحوم حول هذا الفرض. ونخص بالذكر من بين هذه الحقائق ما لاحظه (كبلر) من أن حركة المريخ التي درسها في شيء من التفصيل لا تتفق مع فرض (كوبرنيكس). وقد جعله هذا يعرض فرضا جديدا، وهو أن الكواكب لا تدور حول الشمس في دوائر ودوائر صغيرة حول محيطها، ولكن في إقطاع ناقصة تكون الشمس بؤرتها المشتركة وقد ظل هذا الفرض متفقاً مع كل الحقائق الفلكية لمدة طويلة
وقد حاول (نيوتن) بعد هذا بنصف قرن أن يجمع هذه الحقائق وغيرها تحت فرض أوسع، فتصور أن كل جسم في الكون يجذب غيره بقوة الجاذبية، وهذه تتغير عكسيا مع مربع المسافة بين الجسمين؛ وفرض أن الكواكب تتحرك تحت تأثير هذه القوى فقط، ثم بين أن هذا الفرض يفسر سير الكواكب في إقطاع ناقصة، وكذلك يفسر كمية كبيرة من الحقائق والظواهر منها حركة القمر حول الأرض وحركة كرة الكريكيت في قطع مكافئ عند قذفها. حتى المد والجزر فسره هذا الفرض وأخيراً وجد أنه يفسر حركة المذنبات هذه التي كانت تعتبر دلائل مخيفة ومجهولة تخشى لأنها علامة الشر أو الغضب السماوي أصبحت لا ترى إلا ككتل جامدة ترسم مسارها حول الشمس تحت تأثير نفس القوى التي تعمل في الكواكب
ثم استمرت بعد ذلك الحقائق والبيانات تترى وكلها متفقة مع نظرية نيوتن حتى منتصف القرن التاسع عشر حيث وجد الفلكي (لفرييه) شذوذاً في حركة عطارد، فان فرض نيوتن يتطلب أن يعيد الكوكب مساره دائماً حول الشمس في نفس القطع الناقص كما تدور لعب الأطفال الآلية في نفس المسار مرات مستمرة، بينما وجد (لفرييه) أن كوكب عطارد يتحرك في قطع ناقص ولكن هذا القطع نفسه متحرك في الفراغ ويتم دورته في نحو ثلاثة ملايين من السنين، فكأنما المسار الذي تجري فيه هذه اللعبة موضوع على مائدة متحركة