وانظر ما الذي دعاني إلى تخطئة الجملة كما ضبطت في الكتاب: لو أني اكتفيت بقراءة الجملة وحدها أو قراءة رسالة الخوارزمي كلها لما أدركت السقم في هذه العبارة، ولكن قرأت رسالة البديع التي أجاب عنها الخوارزمي فأدركت الخطأ والصواب. وبيان هذا أن البديع كتب إلى الخوارزمي ينقم عليه سوء لقائه ويصف قومه في همذان بأوصاف هي في مضمونها حسن العشرة وسداد الطريقة الخ. وأجابه الخوارزمي معترفا بان قوم البديع أو أهل همذان فيهم هذه الأوصاف: حسن عشرة الخ فلا يمكن أن يكون معنى جملة الخوارزمي: إن قومك فيهم فوق ما وصفت: حسن عشرة الخ لان هذه الأوصاف ليست زائدة على ما وصف البديع، بل هي خلاصة وصفه، ويجب أن يكون مراد الخوارزمي أن القوم فيهم من حسن العشرة الخ فوق ما وصف البديع، وهذا لا يستقيم مع الجملة التي في الكتاب فالصواب ما رأيت. ويؤيد هذا رواية رسائل البديع المطبوعة في بيروت: فإما القوم الذين صدر عنهم سيدي فكما وصف حسن عشرة وسداد طريق الخ)
فهل يرى الأستاذ بعد هذا إنها غفلة عن بدائه النحو أو نظر دقيق وراء النحو والصرف لا يدركه إلا الموفقون لإدراك دقائق البيان؟
٦ - جاء في الكتاب (وكان مفتياً في علوم شتى) قلت: الصواب متفنناً. وقال الأستاذ مفتنا. فقد وافقني على خطأ الكتاب. وأنا افرض أن مفتنا أصح من متفنن. ولكنا نبحث عن عبارة ياقوت، وهو قد استعمل (متفننا) في مواضع منها ما في ص٢٣٨ ج٢: وهو شاب فاضل بارع متفنن) وقد استعملها الناشرون أنفسهم فقالوا: (كان غزير الفضل متفننا في العلوم (ص١٠٧) فان ادعى إنها حيث وجدت في الكتاب محرفة عن مفتن فليؤاخذ بها الناشرين حيثما وجدها
وبعد فإني احمد للأستاذ غيرته في المجادلة عما يظنه صواباً، ولكني أود أن يتثبت ويتهم ظنه كثيراً وأن يجادل للحق لا طلباً للزلفى عند الناس. ثم أقول له خاتماً: أن أربأ بالأستاذ وبنفسي وبالقراء عن مثل ما جادل به في مرو الشاهجان، وعّمان، ولشكرستان الخ، فان عاد إلى المجادلة في أمثالها فليعذرني إذا لم يظفر مني بجواب وحسبي ما أضعت من وقتي في جداله