للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الله عن الحمار الذي كان راكبه، وتقدم إلى الركابي الذي كان بصحبه إلى حيث يذهب بأن يعرقب الحمار، وذهب هو وحده إلى داخل البرية، ولم يرجع يعود، ولا عرف أين توجه إلى يومنا هذا، وكان ذلك في شوال سنة إحدى عشرة وأربعمائة).

ويشير مؤرخ نصراني آخر، هو إن ابن العبري الذي كتب تأريخه في أواخر، القرن السابع الهجري إلى مثل هذا الرأي، فيقول في حوادث سنة ٤١١هـ: (وفيها فقد الحاكم بن العزيز ابن المعز العلوي صاحب مصر، ولم يعرف له خبر)، ثم ينقل قصة طوافه ومصرعه حسبما رواها القضاعي، وذلك على سبيل الرواية والترديد فقط.

وتقول الرواية الكنسية أيضاً، (ولم تزل الناس مدة غيبة الحاكم وإلى إن انقضى مدة ولده يقولون إنه بالحياة. كثير كانوا يتزيون بزيه ويقول كل واحد منهم أنا الحاكم، يتراؤوا للناس في الجبال حتى يأخذوا منهم الدنانير) ثم تروى لنا قصة رجل يسمى (شروط) كان نصرانياً واسلم ثم تعلم السحر والشعوذة، وكان يشبه الحاكم شبهاً عجيباً، ولو انه أطول منه بقليل؛ فلمّى اختفى الحاكم ظهر في الناس باسم (أبي العرب)، وادعى انه الحاكم، والتف حوله بعض الناس، وكان يطالب الأغنياء بالمال، ويقول لهم انه سيعيده إليهم عند رجعته إلى مملكته؛ ثم استتر طيلة عهد الظاهر وهو مستمر على دعواه حتى اعتقد كثير من الناس انه الحاكم، وانه يخفي نفسه لأمر مكتوم لا يعرفه سواه؛ وفي أوائل عهد المستنصر، نزح إلى البحيرة ونزل عند بعض البدو وتظاهر بالنبوة ومعرفة الغيب واستمر في دعواه انه الحاكم وانه يعتزل الحياة العامة حتى ينتهي قطع طالعه الذي يخشاه؛ ولما ذاع أمره، واهتمت السلطات بمطاردته توارى عن الأنظار ولبث مختفيا حتى عرف بأمره سانونيوس البطرك، وانفذ إليه مالاً وتعهده بعونه ورعايته، وأول ما يلفت النظر في هذه الرواية الكنسية هو أنها لا تشير أية إشارة إلى فكرة المؤامرة أو الجريمة، بل لا تشير مطلقا إلى فكرة الوفاة، ولكنها تميل في مجموعها إلى تأييد فكرة الغيبة والاختفاء، وتستأنس في ذلك بالإشاعات والأساطير التي ذاعت في ذلك الشان منذ اختفاء الحاكم، واستمرت ذائعة أيام ولده الظاهر

على إن الرواية الكنسية لا تقف عند ذلك الحد؛ ذلك إن ابن العبري يحدثنا عن مصير الحاكم بعد اختفاءه، ويقول لنا إن كثيراً من الناس اعتقدوا حين اختفاءه انه لجأ إلى مكان

<<  <  ج:
ص:  >  >>