ذلك. . ليس الأحمر في ذاته هو الذي يضايقني ولكن تعمد وضعه. إذا كان الدلال هو الباعث على ذلك فإن الدلال ميسور بغير الأحمر. وعلى أن الدلال حسن وجميل، وهو يشحذ الرغبة ويقوي الحب إذا كان في حدود الاعتدال ولم يجاوز المعقول أو المحتمل. . أي ما يسهل على الرجل احتماله بلا عناء شديد أو مرهق، ولكن المرأة لا تفهم هذا مع الأسف، وهي لا تزال تلح في الدلال وتلح وتلح حتى يسأم الرجل وتنتفخ مساحره ويتعذر عليه الصبر ويضيق صدره فيفتر حبه، لأنه يكلفه فوق ما تطيق أو ما يمكن إن تحتمل طبيعته، فتذهب المرأة تقول غدر الرجال وعدم وفائهم وتقلبهم؛ ولو أنصفت للامت نفسها ولأدركت أنها هي التي أملته وأزهقت روحه
فقطبت وقالت (أهذا تهديد؟)
قلت (وهذا خطأ آخر. . فليس فيما أقول تهديد وإنما هو عجب واستغراب يدعو إليهما اختلاف الطبيعتين. .)
فقاطعتني وقالت (قل إن طبيعتك المتجبرة تريد إن تجعل مني ملهاة لنفسك لا تخالف لك إرادة ولا تعصي لك أمراً. .)
فقاطعتها وقلت:(كلا: ليس هناك تجبر ولا شبهه، إنما أشرح لك ما تغريك به طبيعتك وما تغريني به طبيعتي. .)
ولا أحتاج إن أروي ما قالت وقلت، فإن في مقدور القارئ إن يتصور ذلك، وأكبر الظن إن تجارب مثل هذه مرت به وعاناها، فما تعيش المرأة بغير الرجل ولا رجل بغير المرأة إلا في الندرة القليلة والفلتة المفردة؛ ومتى عاش رجل وامرأة فلا مفر من أن تسوقهما الطبيعتان إلى الشجار والنقار في بعض الأحيان، وأكثر ما يحدث ذلك من جراء توافه لا قيمة لها، ولا يجري في الخاطر إن تجر إلى خلاف.
وقد حاولت يوم ذاك إن ألاعبها وأمازحها بعد فتور الحدة وذهاب السورة، ولكن تعبي ذهب عبثاً، ورجعنا وقد أيقن كلا منا أن هناك سرا أعوص لما أبدى صاحبه من الجفاء وضيق الصدر.
ولقيتها بعد ذلك، فقلت لنفسي إن العتاب يجدد مرارة الخلاف ولم يكن لي ولا لها مفر من الكلام والنفاق، فقد كنا في حفل حاشد من المعارف والأهل، وانفض السامر فناولتها ذراعي