إلى القصة المقروءة التي تدرس المجتمع العادي، وتتناول أوساط الناس ودهماءهم، وليست (تس) الفقيرة إلا نظيرة (أوفيليا) المنعمة، ولا (يهود المغمور) في طموحه إلى القوة إلا قريع (مكبث) المشهور في تطاوله إلى العرش: مطامح إنسانية، وآمال في المتعة والسعادة، وأقدار ماضية تعترضها وتبطش وهي عمياء بطش جبارين
وقد كان الموت ولن يزال عدو الإنسان اللدود، وبلاءه الأكبر، واللغز الأعظم الذي استغلق على فهمه، ووقف له بالمرصاد كأنما يسخر من كل ما يبني وما يجمع، ويتهكم بكل ما يأتي وما يدع، ويقنعه في ذروة نجاحه ومجده وسعادته بعبث سعيه وإدراكه؛ ومن ثم امتلأت الآداب بذكر الموت وصولته وإزرائه بالحياة والاحياء، واتيانه على الجبابرة، وتسويته بين العلية والسوقة، وبين العالم والجاهل، وتمزيقه شمل الألاف، وتعفيته لآثار السرور والفوز بوصل الأحبة، وعبثه بحور العيون وبياض الأجياد والنحور. وقد تفنن الخيام في رباعياته في صوغ هذه المعاني وتحليتها بالصور الفاتنة المنتزعة من الطبيعة ومن الجمال الإنساني، ومن مجالس الصفو والشراب
وبجانب الموت تمثلت الرهبة لعيني الإنسان في مظاهر الطبيعة الرائعة، وقواها المصطرعة، وفجاجها المترامية، ومخلوقاتها المقتتلة في سبيل الغلب والبقاء، وصممها عن آلامه وأشجانه، وغفلتها عن أفراحه وأتراحه، ومضيها على عاداتها حسنت به الحال أو ساءت، وخلودها على رغم فنائه، وطيها جيلاً من الناس بعد جيل؛ فامتلأ الأدب بذكر ذلك كله. ومن جميل أمثلته مقطوعة هوجو (الطبيعة والإنسان) التي يقابل فيها بين شباب الطبيعة وشيخوخته، ونضارتها وجفاف عوده، وبقائها ووشك ذهابه، ويتنبأ بقيام جنازته بين معالم أعيادها، وبمضيه غير ما سوف عليه منها، ولا محسوس فقدانه.
وقد كان شكسبير معنياً بالموت موكلاً بالتفكير فيما بعده، ينطق بذلك أبطاله كهملت، الذي يتأمل في الموت في خلوته، ويؤم المقابر حيث يرى الحفارين يعبثون بالجماجم وحيث يشهد دفن حبيبته في ريعانها. ولا يمل شكسبير ذكر الموت والبلى، حتى في شعره النسيبي، الذي يتسم لذلك بمسحة الحزن والكآبة. ولشيرلي مقطوعة رائعة في الموت سارت بعض أبياتهم مسير الأمثال، وهي تطابق في شتى المواضع معاني رباعيات الخيام. ومن احسن أشعار التأمل في الموت في الإنجليزية قول كيتس، وقد كان لضعف بنيته ما