للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بيتها.

وربما كانت موت قصي قد حدث في النصف الثاني من القرن الخامس للميلاد، وقد ولد الرسول بعد ذلك بقرن أعني عام ٥٧٠ أو ٥٧١م وهنا ينبغي الإشارة إلى أن تاريخ مكة طوال هذه الفترة كان سجلاً لمشاغبات تافهة قل أن تخللها حادثة ذات أهمية، كما أننا نجد الصدارة لأسلاف النبي طوال هذه المدة. وتظهر المنافسة التاريخية للبيتين الأموي والعباسي في شخص مؤسسيهما: أمية وهاشم؛ وفي أثناء ذلك كان نفوذ قريش ثابت الدعائم، واسع الانتشار، وغدت الكعبة دار ندوتهم الأهلية الكبرى، كما أن وفود الحجج الذين أقبلوا من مختلف أصقاع بلاد العرب لم يعملوا فحسب في رفع العبء عن قريش بل عاونوها في تنبيت مركزها التجاري، ولقد قصصنا عليك من قبل، كيف عزم أبرهة - والي الحبشة على اليمن - على النيل من مكة بما ارتكبه أحد القرشيين من تدنيس كنيسة صنعاء، وقد يصح أن يكون هذا سبباً يتخذه أبرهة بيد أنه كان يريد بلا شك الاستيلاء على مكة ومفاتيح تجارتها.

ويزعم المؤرخون المسلمون أن هذه الحادثة العجيبة وقعت عام ميلاد الرسول في السنة المعروفة بعام الفيل حوالي ٥٧٠م، وبرهان على أن العرب قد هالهم مرأى هذه الحيوانات الضخمة أن واحداً أو أكثر قد صحب الحملة الحبشية، وقد أوقع صدى استعداد أبرهة الحربي الرعب في قلوب القبائل التي حاولت في مبدأ الأمر أن تصده، معتبرة الدفاع عن الكعبة أن تصده، معتبرة الدفاع عن الكعبة واجباً مقدساً، ولكن سرعان ما طارت نفوسهم شعاعاً إذ رأوا أن لا قدرة لهم على ذلك، وبعد أن هزم أبرهة ذا نفر الحميري، عسكر في جوار مكة دون أن يلقي مقاومة تذكر، بعث إلى عبد المطلب جد النبي الرسالة التالية، وكان عبد المطلب موقراً محترماً من جميع القبائل (إني لم آت إلى سربكم، إنما جئت لأهدم البيت، فإن لم تعرضوا دونه بحرب فلا حاجة لي بدمائكم) فرد عليه عبد المطلب (والله ما نريد الحرب وما لنا بذلك من طاقة، هذا بيت الله وبيت خليله إبراهيم، وإن للبيت رباً سيمنعه، وإذا لم يشأ فلا حول لنا) وأنطلق عبد المطلب إلى معسكر الأحباش مع حناطة رسول أبرهة فتوسط له أنيس عند الملك وقال له (أيها الملك هذا سيد قريش ببابك يستأذن عليك وهو صاحب عير مكة يطعم الناس بالسهل والوحوش في رؤوس الجبال) فأذن له

<<  <  ج:
ص:  >  >>